-A +A
حمود أبوطالب
أصبح واضحاً جداً أن الرؤية الوطنية 2030 بقيادة عرّابها وملهمها ولي العهد، تعرف تماماً كيف تحقق أهدافها المستقبلية بالأفكار والأدوات والأساليب الصحيحة، ولأنها رؤية غير تقليدية ولا تهدف فقط وصولنا إلى المستوى الذي وصلته الدول التي تقدمت قبلنا بل تطمح إلى تجاوزها في كثير من المجالات، فإنها عرفت ما هي الركائز الأساسية والدعائم المهمة والرافعات الضرورية التي تستطيع من خلالها كسب التحدي وتحقيق هذا الطموح الكبير، إنها ثلاث كلمات أو مصطلحات سحرية لا أكثر: البحث والتطوير والابتكار. وهي الوصفة التي جعلت بعض بلدان العالم تنتقل خلال فترات زمنية قصيرة من دول نامية إلى دول متقدمة، ومن شعوب مستوردة ومستهلكة لمنتجات غيرها إلى شعوب منتجة، ومن مجتمعات قابعة في الظل إلى مجتمعات تفاخر بمنجزاتها.

لقد دخلنا يوم الخميس الماضي مرحلة مهمة من تأريخنا الوطني بإعلان الأمير محمد بن سلمان رئيس اللجنة العليا للبحث والتطوير والابتكار عن التطلعات والأولويات الوطنية في هذه المجالات الثلاثة للعقدين المقبلين بقوله: «اعتمدنا تطلعات طموحة لقطاع البحث والتطوير والابتكار لتصبح المملكة من رواد الابتكار في العالم، وسيصل الإنفاق السنوي على القطاع إلى 2.5% من إجمالي الناتج المحلي في 2040 ليسهم القطاع في تنمية وتنويع الاقتصاد من خلال إضافة 60 مليار إلى الناتج المحلي الإجمالي في 2040 واستحداث آلاف الوظائف النوعية عالية القيمة في العلوم والتقنية والابتكار».


لقد عرف مهندس الرؤية مدى أهمية اقتصاد البحث والابتكار الذي أصبح من أهم مصادر الدخل القومي للبلدان المتقدمة، وعلى سبيل المثال فإن الأبحاث الطبية والتقنية والبيئية أتاحت لبعض الدول الحصول على منتجات تدر عليها دخلاً قد يفوق دخلها من بقية الموارد الأخرى، وهناك شركات ومؤسسات أبحاث عملاقة ميزانياتها تفوق ميزانيات بعض الدول، تأملوا فقط ما حدث خلال جائحة كورونا وكيف استطاعت بعض شركات الأدوية من خلال أبحاثها الكثيفة إنتاج لقاحات في وقت وجيز صدرتها للعالم بمئات المليارات واستطاعت إنقاذ البشرية.

وقد استندت تطلعات البحث والابتكار التي أعلنها ولي العهد إلى أربع أولويات رئيسة غايةً في الأهمية للحاضر والمستقبل، تتمثل في صحة الإنسان، واستدامة البيئة والاحتياجات الأساسية، والريادة في الطاقة والصناعة، واقتصاديات المستقبل، وكلها مجالات تستطيع المملكة تحقيق نتائج متميزة فيها لما لديها من إمكانات، وبما تريد استقطابه من كفاءات وطنية وعالمية، والتعاون مع كبرى مراكز البحث والشركات العالمية.

إن إعادة هيكلة قطاع البحث والتطوير والابتكار وتشكيل لجنة عليا برئاسة ولي العهد للإشراف عليه يفتح مجالاً واسعاً للقطاع الخاص والقطاع غير الربحي لإحداث نقلة نوعية في الفكر الاقتصادي تساهم كثيراً في تحقيق التطلعات الوطنية الكبرى التي تتضمنها الرؤية الطموحة.