-A +A
منى المالكي
الكلمة سلاح أقوى من الرصاصة! من يتعالى على هذه الحقيقة يكون جاهلا بما فعله لقاء الأمير محمد بن سلمان من صدمة وموجات كذب وتدليس عارمة على محتوى اللقاء! فهناك ترجمات متعددة مختلفة ظهرت على مواقع مختلفة واجتزاءات ذهبت بالمعنى إلى تأويلات تخدم مصالح الفاسدين، ناهيك عن المحتوى الذي صنعه الحاقدون على ذلك اللقاء الذي يوصف بالذكاء في توقيته وإجاباته التي أصابت الحقيقة في تفسير وتفكيك مذهلَين للأوضاع الداخلية والخارجية ولا عزاء للحاسدين!

خطابات ولقاءات الأمير محمد بن سلمان تعتمد «الوضوح» أيقونة مهمة ارتكزت عليها خطاباته ولقاءاته، هذه الشفافية دورها مفصلي في تحطيم الأصنام والرموز السابقة وكسر القناعات النمطية السائدة وإسقاط الأقنعة الزائفة التي كانت تكسب فيما مضى الجولات تلو الجولات وتغيير الأقنعة المرة تلو الأخرى! حتى أشرق الوضوح الذي لا يمكن تجاوزه أو تأويله أو التلاعب به في خطابات الأمير محمد بن سلمان، وهنا تكمن الصعوبة للمخالف في الرد أو الكذب والتدليس الذي وإن حصل، يظهر مكشوفا ضعيفا لا قيمة له!


النقطة الأخرى في اللقاء هو بعده تماما عن الاتكاء على العاطفة في استدرار تعاطف أو كسب موقف سواء من القوى العظمى العالمية أو حتى من المتلقي أو القارئ أو المستمع، لذلك اللقاء الذي اعتاد مثل هذه الخطابات العاطفية لأن الزمن ورؤيته تغيرا بمفاهيم وإستراتيجيات مختلفة متعددة لا تتلاءم مع طرق وأساليب قديمة بالية، مع كشف ذلك الغطاء الأيديولوجي الذي تدثر به بعض المخالفين للتطوير والتحديث، هذا كله أصابهم في مقتل لأن الأيديولوجية كانت القلعة الوحيدة التي تحصنوا بداخلها أزمنة عديدة!

ومع قراءة ردود الأفعال حول لقاء الأمير محمد بن سلمان مع مجلة «أتلانتيك» الأمريكية نجد أيضا جمالية التلقي، وهنا دعوة إلى تأويلات جديدة لذلك اللقاء تذهب بنا إلى استجلاء سمات التفرّد والذكاء في توجيه حقائق لم يعتدها القارئ السعودي أو العربي في لقاءات الملوك والرؤساء وكأننا أمام رؤية جديدة في التعاطي مع السياسات الداخلية أو الخارجية، هذا كله لا يأتي فقط باستنطاق عمق اللقاء الفكري في حدّ ذاته أو وصف سيرورة تشكّله الخارجي، وإنّما بتحديد طبيعة وقعه وشدّة أثره في المتلقي والقارئ يظهر ذلك من ردود فعلهم وخطاباتهم.

السؤال الأهم هنا هو إلى أي مدى يمكن استثمار هذه اللقاءات والخطابات لرسم صورة مهمة للسياسة الإعلامية السعودية ولتأهيل متحدثين ومتحدثات للوزارات والهيئات الحكومية داخليا وخارجيا في الأمم المتحدة مثلا والمؤسسات التابعة لها، لا يكفي إطلاقا أن تملك لغة تتحدث بها، ولا يهم إطلاقا أن تجيد فهم سياسات وزارتك أو الجهة التابع لها، المهم جدا هو تمكنك من آليات وسياسات الخطاب المؤثر المقنع وأن تجيد فن الوضوح وإستراتيجياته! فهل يمكن ذلك؟!