-A +A
عبدالله الحمدان
يقول البرت إينشتاين وهو العالم الذي توفي قبل قرابه خمسة عقود «أخشى اليوم الذي ستتجاوز فيه التكنولوجيا تفاعلنا البشري».

قبل أيام واجه قطاع كبير من مدمني مواقع التواصل الاجتماعي حول العالم، أسوأ كوابيسهم، عندما تعطلت مجموعة من مواقعهم المفضلة لفترة زمنية هي الأطول على الإطلاق. ليطرح البعض سؤالاً، ماذا سيحدث إذا لم تعد هذه المواقع للعمل مرة أخرى؟


لم يكن ذات السؤال مطروحاً في العام 1969، عندما أطلقت وزارة الدفاع الأمريكية مشروع (أربانت) الهادف لربط أجهزة الكمبيوتر التابعة للجيش ببعضها البعض. والتي كانت هي البداية الفعلية لشبكة الإنترنت، بوجود شبكة متاحة لتبادل المعلومات والبيانات. لكن سرعان ما وصلت التقنية العسكرية للحياة المدنية في أوائل التسعينات، وأصبح الإنترنت آنذاك محصوراً على تبادل البيانات بين الجامعات والمكتبات لتسهيل وصول الطلبة للمعلومات.

في العام 1996 أصبح مفهوم الإنترنت مفهوماً لدى الكثير من الأشخاص، وخرج الأمر عن كونه شبكة مخصصة لاستخدامات محدودة، وتحول لشبكة يستخدمها الجميع للبحث عن المعلومات، حتى بداية الألفية والتي بدأ معها موقع جوجل في التوسع، وبيع الإعلانات للمواقع وبدأ الناس حول العالم يكتشفون أن شبكة الإنترنت من الممكن أن تستخدم في التواصل فيما بينهم وليست فقط للبحث عن المعلومات.

في البداية كان التواصل عبر البريد الإلكتروني، الذي اخترعه الأمريكي «ري توملينسون» ثم ظهرت بعدها برامج الدردشة chatting. وسرعان ما تبنت مؤسسات عملاقة فكرة برامج الدردشة فظهر MSN وYahoo ماسنجر وغيرهما، وتسابقت هذه الشركات على دعم طرق التواصل بين الناس فظهرت المكالمات الهاتفية والمكالمات بالفيديو من خلال كاميرا الويب وهكذا تحول الإنترنت من شبكة لتبادل المعلومات، والبحث عنها، لشبكة لتبادل الأخبار والصور الشخصية مع الآخرين، سواء كنا نعرفهم أو لا نعرفهم.

فبراير من العام 2004 أعلن الشاب الأمريكي مارك زوكربيرج عن إطلاق موقع للتواصل بين طلاب جامعته، يدعى فيس بوك. يقال إنه كان مصاباً بعمى الألوان فجعل اللون الأساسي للموقع هو الأزرق ليسهل عليه رؤيته.

ومنذ إطلاق فيس بوك لكل المستخدمين حول العالم، دخلنا في مرحلة جديدة من التواصل، حيث يشارك الناس صورهم ومقاطع الفيديو الخاصة بهم، ليس فقط مع أشخاص مختارين بعناية من أفراد الأسرة أو الأصدقاء المقربين بل مع عددٍ لا ينتهي من المتابعين.

دخلت بعدها الشركات الكبرى على الخط وبدأت الإعلانات في غزو الشبكة واحتلال مواقعها، وظهرت حينها العديد من منصات التواصل الاجتماعي التي تلعب على نفس الفكرة، لكن بتنويعات مختلفة، لذلك رأينا منصات انستغرام للصور وتويتر للتغريدات وباقي تطبيقات الدردشة الهاتفية مثل واتس اب وتيليغرام وغيرهما.

تحول معها البشر مع مرور الوقت من مستخدمين لشبكة الإنترنت في التواصل وتبادل المعلومات والتقارير لمُستخدمين بواسطة الشبكة، من خلال حملات الاستهداف الإعلاني والتسويق على أساس النوع والسن واللون والجنسية. وأصبح للتواصل مع الآخرين عادات وتقاليد يجب احترامها. وأصبح الإنترنت جزءاً لا يتجزأ من حياتنا اليومية، بل أصبح محور الحياة اليومية للكثير منا، حيث يبدأ يومهم وينتهي بين صفحات وتطبيقات مواقع التواصل المختلفة.