-A +A
أريج الجهني
المتعاطف لا المتنمر، الداعم لا الأناني، الصادق لا الكاذب. هذه هي الخاتمة وضعتها في البداية لمن لا يمتلك الوقت ليكمل المقال. الآن لنفكر قليلاً كم لبثنا ونحن نتذمر من سلوكيات التنمر لكن ماذا قدمنا كأفراد لنعالج هذا السلوك؟ إن أهم وأخطر ما يحدث في تنميط قضية التنمر هو ربطها بفئة عمرية محددة، بالمقابل التنمر منظومة سلوكية لا تعرف عمراً محدداً ولا جنساً دون آخر، هو سلوك عدائي العلاج الأمثل ليس منعه فقط بل خلق سلوك مضاد متعاطف وإنساني.

نعم، كن متعاطفاً، اظهر محبتك قل «أحبك/‏ أنا أهتم»، ابتسم ولا تكترث إن كانت ابتسامتك (صفراء/‏ مزيفة) المهم أن تبتسم ليبتسم الطرف الآخر ويعيد حساباته. احتضنوا أطفالكم وأحبتكم (مع تطبيق الإجراءات الوقائية التي نخضع لها بسبب جائحة كورونا)، واكتب هذا التنصيص لمن سيقرأ المقال بعد أعوام ويستنكر فكرة الاحتضان المشروط.


أصبحت أشيح بنظري عن كل الأصوات غير المختصة والتي تتناول التنمر من باب التنفيس والشعبوية والغباء المستفحل. شاهدنا مع عودة المدارس كيف يتوجس الناس من سلوك الطلبة وكيف تنتشر المضاربات والمشاكل في أوساط معينة. وأتساءل ماذا ننتظر لنعزز السلوك الحسن؟ بلا شك قلتها سابقاً وأعيدها اليوم: «صناعة السلام أكثر تكلفة من صناعة الحرب، وصناعة الحب أصعب من الكره».

نعم نحن لم ننجح في خلق جيل متعاطف، ولم ننجح في صناعة أصدقاء متحابين، عززنا الأنانية وركزنا فقط على المشاكل. قد يقول البعض ما الحاجة في خلق جيل متعاطف؟ سأقول إن التشنج والتذبذب الذي شاهدناه في قرار منع الجوال شاهد على غياب الثقة وغياب المحبة الاجتماعية والتوجس المفرط من الآخر. ومعالجة مفاهيم الثقة والتعاون لا تحدث في وسط هش بل تحتاج عقولاً حكيمة تفهم أن الوعي الاجتماعي هو الأمن وهو الرفاه والطمأنينة.

الذي أود أن أختتم فيه كنت أتمنى أن تكون هناك برامج توعوية للمراهقين واحتواء أكثر لشخصياتهم وتقديم قدوات صالحة لهم. والحقيقة أنني قلقة في ما يخص ملف الطفولة والمراهقين أمام تطبيقات مفتوحة وعقول مغلقة. القوانين والعقوبات يفترض أن تكون (الحل الأخير) لا الحل الوحيد والأول. هذا في حال كنا مهتمين بالتربية وبناء الإنسان لا التخويف وصناعة جيل منافق!.

خدعة الطالب المثالي التي خلقت أجيالاً مزيفة يبدو أنها تتكرر من جديد، والمحبط هنا أن المثالية لا وجود لها هي مجرد تسكيت وتسكين لا علاج وتشافي.