-A +A
رامي الخليفة العلي
في تصريحات له، أكد الأمير تركي الفيصل رئيس الاستخبارات السعودية السابق أن «قيادة إيران الآن هي خطر حقيقي، فكل المحاولات طيلة نحو 40 عاماً لترشيد سياستها فشلت، ونحن لا نكن عداء لإيران ولا نريد لشعبها الضرر، لكن يجب تحقيق التوازن معها، فأي خلل في التوازن ستستغله إيران. إيران خطيرة أيضاً بسبب سلوكها المتمرد طيلة عقود، وسعيها لزعزعة استقرار وأمن جيرانها وتفتيت مجتمعاتهم. والتجربة العراقية تقدم نموذجاً عن تأثير إيران واستغلالها موارد العراق واللعب فيه طائفياً ومحاربة الدولة العراقية». وهو بذلك يضع اصبعه على الخطر الحقيقي الذي يتهدد العالم العربي ومنطقة الخليج على وجه التحديد. هذا وإيران لم تمتلك القنبلة النووية فما بالك إذا ما امتلكت السلاح النووي عندها يمكن للمراقب أن يتوقع العجرفة والعنجهية التي يمكن أن يتعامل بها هذا النظام المارق، وعندها سوف تصبح القنابل النووية معلقة فوق رؤوس شعوب الدول العربية. الدول العربية أصبحت محاطة بدول نووية بداية من الهند وصولا إلى إسرائيل، مرورا بالباكستان والقادم المحتمل بقوة إلى النادي النووي (إيران) كما أوضح الأمير تركي الفيصل وهو العارف بخبايا المنطقة، فهو يحذر «من أن إيران قد تمتلك يوماً قنبلة نوية، خاصةً في ظل عدم تعديل الاتفاق النووي المبرم بينها وبين القوى الغربية».

الحديث عن سباق التسلح في منطقة الشرق الأوسط والتحذير منه يأتي متأخرا للغاية، فمنذ نهاية الحرب العراقية ـ الإيرانية تعمل إيران على إشعال سباق التسلح وإشعال المنطقة برمتها وفق أيديولوجيتها المتطرفة التي تريد تفجير المجتمعات من الداخل، بل وصل الأمر إلى تزويد ميليشيات إرهابية بأسلحة استراتيجية، بداية من حزب الله وصولا إلى ميليشيات الحوثي، مرورا بالميليشيات التي أنشأتها وما تزال تنشئها في أكثر من بلد عربي. وما زاد الطين بلة التصارع بين إيران وإسرائيل وتركيا حول تقاسم النفوذ على حساب العالم العربي، وهذا ما جعل الخطر الإسرائيلي يتراجع في العقل الجمعي العربي مع أنه بقي على مدى عقود هو الخطر الأكبر، ولكن إسرائيل بقيت تتعامل كدولة حتى وإن كانت عدوانية ومحتلة، ولكن إيران ولاحقا تركيا تتعاملان من منطق أيديولوجي وتحاولان طوال الوقت بناء جماعات مرتبطة بهما، وفي هذا الإطار أصبحت الجماعات الإيرانية حائط صد أمام عودة الدول العربية المحتلة إيرانيا إلى اعتبارها دولا حقيقية فهي لا تعدو كونها جمهوريات موز، انهارت فيها معظم سبل العيش. أما تركيا فقد وضعت إيران نموذجا لها وراحت تتلمس طريقها في بناء نفوذ مواز في عدد من الدول العربية. الأخطر من ذلك أن الطرفين راحا يتفقان على تقاسم الكعكة، كما في سوريا بعد اتفاقات آستانة، على سبيل المثال لا الحصر. ولولا أن المملكة العربية السعودية وبعض شقيقاتها العربية وقفت كالطود الشامخ في مواجهة المشاريع الاحتلالية لاستكملت إيران احتلال العواصم العربية الأربع كما تتبجح، ولتحولت مصر والسودان وليبيا وحتى تونس بسبب ما سمي الربيع العربي إلى مناطق نفوذ تركية.


الأخطار التي أشرنا إليها هي غيض من فيض، وهي تسلتزم بناء قدرة عربية دفاعية، وهذا يتم بالفعل وإن كان بشكل غير معلن، ولعل الوقت قد حان لبناء المعرفة والقدرة النووية العربية أمام تزايد الخطر النووي في المنطقة برمتها. وبحسب معرفتي المتواضعة فإن هذا بدأ بالفعل، أما الانتقال إلى الإنتاج الفعلي فهذا متروك للتطورات التي ستعصف بالمنطقة خلال المستقبل القريب أو البعيد.