-A +A
منى المالكي
يظل الزمن عاملاً مهماً من عوامل الحضور القوي في خلود الأمم والحضارات، فرهاناتك مع ذلك الزمن شبه مستحيلة، فهو عصي الحضور صعب التنميط لا يملك تعريفاً محدداً ولا يظهر بوجه واضح المعالم والقسمات، فهو كالشبح المخيف الذي تسمع عنه خرافات وأساطير ولكنك لا تراه!

وتكمن صعوبة التعامل مع الزمن أن كل ما تملكه وتستطيعه هو مواجهة آثاره! فمعاركه معك واضحة الأثر على جسدك مهما قاومته، فرسم الأخاديد على وجهك أو ملامسة تلك التجاعيد التي حفرها على جبهتك هي انتصارات مبهرة له! ولذلك فالمرونة معه مرة والوقوف بحزم معه مرات هو الفيصل في النجاح عليه وتحقيق المنجزات، وهذه السياسة في مقابلته بدون الخوف منه ما جعل المملكة العربية السعودية تقود قمة مجموعة العشرين في هذا الزمن الصعب، وتكتب ذلك الحضور القوي الذي جعل من بلادنا المعادلة الصعبة جداً في وسط محيط هادر من الخلافات والاختناقات الاقتصادية.


الحديث عن إنجازات بلادنا في مواجهة جائحة كورونا والاستمرار في التعلم والاهتمام بصحة الإنسان ومساعدة المجتمع الدولي إنسانياً والارتفاع بمؤشرات مساهمة المرأة وتمكينها والاهتمام بالشباب بوصفهم قادة التغيير المستقبلي، هذه كلها مؤشرات وبالأرقام حاضرة في برامج وسجلات وأعمال القمة، قمة العشرين، رغم الجائحة التي كتبت تاريخاً جديداً للبشرية، فأصبح ما قبل كورونا غير ما بعدها! ولكن ما يعنيني هي قراءتها وتحليلها ثقافياً، وانعكاساتها على مجتمعنا السعودي مستقبلاً، فهذه الخبرة المكتسبة من القمة هي ما يجب أن يبنى عليها مستقبلاً للاستفادة منها في الاستمرار ببناء العلاقات الدائمة مع دول القمة، علاقات ثقافية في جميع مستوياتها الاقتصادية والسياسية وغيرهما.

وتبدأ رئاسة المملكة للقمة بتدشين برنامج عالمي طموح، يتضمن سياسات اقتصادية واجتماعية مستدامة من أجل: تمكين الإنسان، حماية الكوكب، تشكيل آفاق جديدة تحت هدف موحد وهو «اغتنام فرص القرن الحادي والعشرين للجميع»، ومن هنا يبدأ تمكين المرأة بمختلف الوسائل، من أبرزها مبادرة (EMPOWER)، وترؤس امرأتين لمجموعتين من مجموعات التواصل الثماني، وهي مجموعات تمثل صوت شرائح من المجتمع المدني في دول مجموعة العشرين لمناقشة التحديات التي تواجه المجتمع المدني من غير تأثير الحكومات، وهما الأميرة نوف بنت محمد الرئيس التنفيذي لمؤسسة الملك خالد، والتي مثلت مجموعة المجتمع المدني، ود. ثريا عبيد الرئيس التنفيذي السابق لصندوق الأمم المتحدة للسكان وعضو مجلس الشورى الأسبق، والتي مثلت مجموعة المرأة، وهذا مؤشر من مؤشرات التمكين بوصفه هدفاً رئيساً من أهداف القمة.

كذلك الصورة المبهجة التي تعرضها شاشات الإعلام العالمية من حضور قوي وفاعل للمرأة السعودية في أمانة القمة وفي أعمالها المتعددة، حيث بلغت نسبة مشاركة المرأة 35% من مجموع العاملين في أعمال قمة العشرين، هذه النسبة المرتفعة مكسب مهم من مكاسب قمة العشرين، والعمل على استثماره مستقبلاً هدف تنموي جيد.

كاتبة سعودية

monaalmaliki@