-A +A
محمد الساعد
تذكرت هذا البيت الشهير للشاعر الأموي «الفرزدق» الذي يقول فيه:

وَلَيْسَ قَوْلُكَ: مَن هذا؟ بضَائرِه


العُرْبُ تَعرِفُ من أنكَرْتَ وَالعَجمُ

بعدما قرأت التغريدة الساقطة التي أطلقتها اليمنية تركية الأصل توكل كرمان ضد الشيخ التقي الورع عبدالعزيز آل الشيخ رئيس هيئة كبار العلماء في السعودية، وما حملته من إساءة تعف عنها النفوس والألسن، وهو قول لا ينفصل عن سياق الحملة التي يقودها كوادر الإخوان المسلمين ضد السعودية بكل مقوماتها وقياداتها وعلمائها وشعبها، يؤكد ذلك تصريح أحمد الريسوني رئيس ما يسمى بالاتحاد العالمي لعلماء المسلمين «الإخوانقطري»، الذي أدلى به ضد كبار المشايخ والعلماء السعوديين.

وكأن عجلة الزمان تعود للوراء أربعة عقود وعلى وجه الدقة عندما كان الصحويون في المملكة وعلى رأسهم سعد الفقيه والمسعري وبقية أفراد عصابة السروريين، يهاجمون الشيخ العلامة الورع الصالح عبدالعزيز بن باز ورفيق دربه الشيخ محمد بن عثيمين - رحمهم الله - وبقية العلماء والفقهاء مطلقين عليهم علماء «الاستنجاء والاستجمار» أو علماء «الحائض والنفساء»، ورغم سوء الأدب مع العلماء وقسوة التشبيه ووضاعته، إلا أن إطلاقه وترويجه بكثافة في الخطب والمنابر وأشرطة الكاسيت كان الهدف منه إسقاط هيبة الشيخين ورفاقهما وفصل الحواضن الشعبية عنهم.

كان الهجوم شرسا وينضح بغضا وحسدا لمكانة الشيخين ليس في المملكة فقط بل وفي العالم الإسلامي، ومحاولة إسقاطهم والاستيلاء على مكانتهم.

بالتأكيد لم تفلح محاولاتهم وبقي الشيوخ بن باز وبن عثيمين والفوزان وغيرهم الكثير من العلماء الربانيين ليومنا هذا يحظون بالتقدير والاحترام.

هدف الإخوان وعداؤهم للسعودية ليس جديدا وليست له علاقة بالأمير محمد بن سلمان ولا بالمواقف التي اتخذتها من العام 2011 لحماية أمنها واستقرارها، بل هو موقف مبدئي من الدولة السعودية التي رفضت استيلاءهم على قرارها منذ عرض حسن البنا على الملك عبدالعزيز -رحمه الله- الاستقرار في المملكة واحتضان تنظيمهم المشبوه.

لقد خان الإخوان المسلمون «السعودية» مرات عدة وجحدوا معروفها وخذلوا اليد التي مدتها لهم ليعيشوا بأمان في أراضيها، وعندما دخلوا بيوتنا واستقروا في مدننا طعنونا وباعوا مواقفهم الرخيصة لكل عدو في العالم، من الخميني إلى صدام مرورا باليسار العالمي وحمد خليفة وابنه تميم وقاسم سليماني والحوثي وليس انتهاء بأردوغان.

هذا أمر لا مزاح فيه، وليس تحليلا من زاوية أخرى، بل هي وقائع ومؤامرات قام بها الإخوان بتنظيمهم الدولي أو المحلي أوغلت في دم السعوديين لهدف واحد هو زعزعة الدولة والاستيلاء على كرسي الحكم فيها، يؤكدها تصريح وزير الداخلية السعودي الأمير نايف بن عبدالعزيز -رحمه الله- العام 2003 المنشور في صحيفة السياسة الكويتية على صفحة كاملة وتحت مانشيت «الإخوان يسعون إلى انتزاع القيادة والحكم»، وأكمل الأمير نايف تصريحه قائلا: إن من يزايد على المملكة إسلاميا جاهل وضال وظالم.

ولطالما حاول الإخوان وأعداء المملكة عبر مخبريهم وعملائهم في الداخل هز هيبة الدولة وفصلها عن دوائر شرعيتها، بدءا من التشكيك في الحكم نفسه وانتقالا إلى دائرة كبار العلماء التي تقدرها القيادة وتستنير بآرائها، ومحاربة رجال الدولة التكنوقراط الذين ساهموا في تنفيذ مشيئة الحكومة في التنمية والبناء، وأخيرا محاولة اختراق القواعد الشعبية من القبائل والأسر التي توالي الدولة وتلتف حولها.

يقود الإخوان المسلمون اليوم حرب تشويه سمعة إما مباشرة أو عبر كوادرهم لاغتيال كبار العلماء السعوديين -معنويا- وإسقاط مشروعيتهم ومكانتهم في العالم الإسلامي، وما تلك البيانات الصادرة من أعضاء التنظيم والمنظمات التابعة لهم إلا إشارات واضحة للبدء في عملية متعمدة تمهيدا للفصل بين العالم الإسلامي والسعودية وكبار علمائها وفقهائها.

كاتب سعودي

massaaed@