-A +A
حمود أبو طالب
في أوج أزمة كورونا تخلت دول كبرى عن مسؤوليتها تجاه مواطنيها ودفعت بهم إلى أنياب شركات التأمين ليدفعوا ما سوف يحصلون عليه بقية حياتهم لتسديد تكاليف علاجهم، ومن علقوا منهم في الخارج قالوا لهم تدبروا أمركم، ولو ساعدناكم بالعودة إلى دياركم فعليكم دفع التكاليف، ولكن في ذات الوقت كان السعودي العالق خارج وطنه يحظى بأفخر خدمة ورعاية مجانية لضمان عودته إلى وطنه، وأما في الداخل فليس السعودي وحده، وليس المقيم إقامة نظامية فحسب، بل حتى المخالفون رُفع القلم عنهم في هذا الظرف الإنساني الاستثنائي ليحظوا بالرعاية الصحية الكاملة، دون حساب أو عقاب.

وفي الوقت الذي كان كل مواطن في أي دولة يدفع حتى ثمن فحص كورونا، كانت قوافل الصحة هنا تجوب المدن والقرى وتطرق الأبواب لإجراء الفحص مجانا لكل شخص موجود في هذا البلد، ولأن الشيء بالشيء يذكر، فقد نشر مواطن أمريكي قبل أيام قليلة عن معاناة أحد أقاربه الذي أصيب بكورونا ومكث في المستشفى فترة طويلة احتاج خلالها إلى العناية المركزة، لتأتي فاتورة علاجه قرابة مليون دولار، دفعت شركة التأمين جزءاً ضئيلا منها، وعليه سداد بقية التكاليف.


ومع كل ذلك الضغط النفسي والمادي على كل فرد في العالم، كانت المملكة تسخر كل إمكاناتها ومواردها وطاقاتها لكل شخص مقيم على أرضها لفحصه وعلاجه على حساب الدولة، مهما بلغت تكاليفه، وعمدت كل القطاعات الصحية المدنية والعسكرية والخاصة باستقبال أي مصاب وعلاجه على نفقة الدولة. هكذا وبكل بساطة.

والآن تضرب المملكة ضربتها الإنسانية الكبرى لتؤكد للعالم قولاً وفعلاً أنها وطن الإنسانية، بإقرار مجلس الوزراء صرف مبلغ (500.000) ريال لذوي المتوفى بسبب جائحة فيروس كورونا، العامل في القطاع الصحي الحكومي أو الخاص، مدنياً كان أم عسكرياً، وسعودياً كان أم غير سعودي، على أن يسري ذلك اعتباراً من تاريخ تسجيل أول إصابة بـ (الفيروس) في 7/7/1441هـ.

هنا لابد أن نقول بأعلى صوت للعالم: نعم هنا وطن الإنسانية والوفاء والشهامة والمروءة. هنا الوطن القوي، هنا الوطن الذي يقدر التضحيات دون تفرقة أو تمييز، هنا الوطن الذي يحترم كل من بذل شيئاً نافعاً له. لم يخضع هذا القرار لحسابات الاقتصاد ومعايير التوفير بل كان انطلاقاً من أخلاق الوفاء والتقدير. ووطن كهذا سيخلف الله عليه بكل الخير لأنه لا يسعى إلا للخير.

habutalib@hotmail.com