-A +A
طارق الحميد
يخطئ من يعتقد بأن المنطقة لم تتغير بعد إعلان اتفاقية السلام الإماراتية- البحرينية- الإسرائيلية، وبرعاية أمريكية. ولشرح الصورة علينا التجرد السياسي هنا، حيث لا يمكن أن تنظر للصورة، وأنت جزء منها.

وبدءاً لا بد من القول إنه قد حدث بمنطقتنا تحول يناقض الوعي الذي شكل بمخيلتنا، وثقافتنا السياسية، أو قل ما رسخ من شعارات عن العدوان والاحتلال، والتوسع الإسرائيلي «من النيل إلى الفرات».


في عام ٢٠٠٠ انسحبت إسرائيل من جنوب لبنان، وكذلك من غزة عام ٢٠٠٥، أو ما عرف بـ«فك الارتباط». لكن منذ عام ٢٠٠٣، وبعد الغزو الأمريكي للعراق، وبعدها اغتيال رفيق الحريري بلبنان عام ٢٠٠٥، تغير المشهد.

منذ ذاك الوقت، ٢٠٠٣، لم تتوسع إسرائيل، ورغم الحروب المفتعلة معها، ولأهداف تكتيكية إيرانية، مثل حرب لبنان ٢٠٠٦، للهروب من تداعيات اغتيال الحريري، وبعدها حرب غزة، لتعزيز جبهة المقاومة والممانعة الكاذبة، وبالتالي فإن من قام بالتوسع والعدوان بأراض عربية هو إيران.

حيث باتت إيران محتلا شريكا بالعراق، ثم محتلا صريحا، وأحكمت السيطرة على لبنان عبر حزب الله، ثم محتلا «مساهم» بسوريا بشراكة روسية، تركية، بعد الربيع العربي، ومحتلا بـ«التمويل والتحريض والتسليح» باليمن عبر الحوثيين.

وسارت تركيا على خطى إيران في العراق، وسوريا، وليبيا، بينما بقيت إسرائيل بنفس الحيز الجغرافي، ودون احتلال، مباشر أو غير مباشر، وهنا حدث الانقلاب المقصود بعنوان هذا المقال، أي نقلة الشطرنج القاتلة.

حيث حاولت، وتحاول، إيران، ومثلها تركيا من خلال انتشار القواعد العسكرية، تطويق المنطقة عبر الأطراف، بالعملاء، أحزاب ومليشيات. مثلا، رسخت إيران حزب الله بجنوب لبنان، وحماس بغزة، وشلت العراق بالمليشيات، وغيرت كل شيء بسوريا، وتحاول تطويق السعودية من ناحية اليمن، وعبر الحوثيين.

هنا فاجأ الخليجيون، الإمارات والبحرين، ومعهم إسرائيل، إيران بحركة سياسية مذهلة على رقعة الشطرنج، وذلك بإقامة علاقات سلام لدول مجاورة لإيران، وستتبعهم دول أخرى، لنصبح أمام منهجين، الأول تطويق الدول عبر المليشيات، وهذا المنهج الإيراني.

والمنهج الثاني هو التمدد السياسي، الدبلوماسي، الإسرائيلي على الحدود المتاخمة لإيران، وبالتالي بتنا أمام منهج عصابات إيراني، يقابله منهج دول، سياسي دبلوماسي، عربي-إسرائيلي، مما يظهر قصور وجهل النظام الإيراني، والتركي، الذي دفع إلى تبدل الأولويات، وتغليب المصالح، وهذه هي السياسة.

وذلك خطأ إستراتيجي قاتل من قبل إيران المنبوذة، ليس عربيا وحسب، بل ومن الشيعة التي تحاول تصويرهم كأتباع، سواء بالعراق، أو لبنان. كل ذلك يؤكد أن المنطقة تغيرت، والتغيير كبير، وله تبعات على العدوان والتوسع الإيراني-التركي، الذي يستهدف خمس دول عربية، عدا عن أمن المتوسط، بجيوش ومليشيات، وأحزاب عميلة.

كاتب سعودي

tariq@al-homayed.com