-A +A
هاني الظاهري
قبل أيام شاهدت بالمصادفة مقطع فيديو يظهر جرافات أمانة جدة وهي تزيل أكشاك الأطعمة والقهوة والشاي المنتشرة على الطريق السريع بين مكة وجدة، وأغلب الظن أن سبب الإزالة هو عدم نظامية هذه الأكشاك، على الرغم من اعتياد الناس على مشاهدتها طوال أكثر من 15 سنة، بل إن بعضها لطالما تميز بشكل جمالي جاذب، وبعضها الآخر يحمل علامات تجارية حققت شعبية جيدة خلال فترة نشاطها، وتمنيت لو أن معالي أمين محافظة جدة الأستاذ صالح بن علي التركي -صاحب الخبرة التجارية الواسعة- وجه إدارات الأمانة بإيجاد حلول مستدامة لهذه الإشكالية تنقلها من دائرة المصروفات على المعدات والإزالة إلى دائرة الإيرادات للأمانة وخزانة الدولة قبل اتخاذ قرار الإزالة.

لا أعرف أحداً من مُلاك الأكشاك المتعدين أو المخالفين وليس لي أي علاقة بهذه القضية من قريب أو بعيد، لكنني أعرف أن الإزالة أفقر القرارات فائدة، إذ من الأولى أن تتم مصادرة هذه المشاريع الصغيرة وإعادة استثمارها عبر إدخالها في ملكية الدولة وترخيصها باسم الإمانة أو الشركة التابعة لها ومن ثم تأجيرها؛ سواء على المستفيدين منها حالياً أو على مستثمرين جدد، وبهذا تتحقق الفائدة لخزينة الدولة وللشباب الطموح الباحث عن فرص استثمارية صغيرة قد تعيل أسراً وتفتح بيوتاً، وإن كانت أجهزة الأمانة لا تملك الوقت أو الكوادر المؤهلة لإدارة مثل هذا الأمر، فيمكنها أن تصادر هذه المشاريع المخالفة كما هي وتسلمها لمكاتب الضمان الاجتماعي أو الجمعيات الخيرية لتخصصها لمستفيديها بالطريقة التي تراها.


طبعاً كل ما سبق مرتبط بالهدف من الإزالة، فما أطرحه هنا حل مفيد ومستدام إن كانت الإزالة مجرد إجراء تصحيحي نظامي ليس خلفه مثلاً إقامة مشروع استثماري كبير على أنقاض المشاريع التي أزيلت.

أيضاً يمكن للأمانة أن تتخذ خطوات رائعة لخدمة المجتمع وتجميل شوارع المدينة، عن طريق التعاقد من شركات متخصصة لبناء أكشاك ذات طابع جمالي متنوع يعكس هوية وثقافة المدينة ويقدم تحفة بصرية للعابرين، ومن ثم تأجيرها برسوم رمزية على أصحاب البسطات و«بائعي شاهي الجمر» الذين تطاردهم في كل مكان، شريطة أن يكون المستأجر سعودي الجنسية وليس لديه وظيفة أو دخل آخر، وهذا أفضل من تجميل المدينة بالأعمال الفنية الصماء التي تكلف مبالغ طائلة دون مردود مادي حتى يأكلها الصدأ أو تزال لمصلحة مشاريع أخرى.

أطرح هذه المقترحات لأنني أعرف مدى حرص أمين جدة الحالي على صناعة الفرق في خدمة المجتمع وخدمة هذه المدينة، وأتمنى صادقاً من كل قلبي ألا يعتاد هو وفريقه على الحلول السهلة التي لا تخدم أحداً ولا تصنع فرقاً ولا تضيف شيئاً للمجتمع والدولة، فكل نظام قائم يمكن أن نوجد من خلاله قيمة مضافة إن حرصنا على ذلك ودرسنا بشكل مستفيض ما يحتاجه الشارع وما يفيد المجتمع.

كاتب سعودي

Hani_DH@