-A +A
أريج الجهني
في لقاء معالي وزير التعليم الدكتور حمد آل الشيخ الأخير مع كتّاب الرأي، صرح معاليه عن قرب تدشين مقرر (التربية الرقمية) الذي من المحتمل أن يبدأ في حال تطبيقه من الصف الرابع الابتدائي، وهو مقرر نوعي كنا ننتظره وشخصيا أتمنى أن يبدأ منذ التمهيدي فنحن اليوم بحاجة لهذه التوعية التعليمية المباشرة، فالطفل الآن يتعامل مع الأجهزة ليس للتسلية فقط بل أصبحت مدرسته داخل هذا الجهاز ومن يدري قد تكون وظيفته مستقبلا داخله أيضا. جائحة كورونا جعلتنا نطرح تصورات عديدة ليس فقط للتعليم بل للعمل أيضا، أعود لهذا المقرر المنتظر للتأكيد أن التحولات النوعية التي تشهدها وزارة التعليم مختلفة جدا وهي ولادة عصر جديد في العلم والمعرفة.

ما معنى المواطنة الرقمية ببساطة؟ هي تمكين تقني واجتماعي يقوم على ثلاثة أركان أساسية (تعلم، واحترم، واحمِ). التعلم الرقمي بجانب الاحترام للنفس والآخر والحماية بتوطين التقنيات وتوعية الأطفال منذ سن مبكرة بأهمية التوازن وحماية المعلومات الخاصة وعدم مشاركة الصور والخصوصيات. التربية الرقمية ستعزز علاقة الأطفال مع عالمهم الجديد لكن بقيم وتوازن أكثر. التقنية لم تعد اختيارا هي واقع وقرار، والأهم أن نتفهم كأهل أن هذا الواقع مفروض حول العالم وعلينا أن نتكاتف ونعزز قيم العطاء وتفقد من حولنا ومد يد العون لكافة الأطراف.


مفاهيم المواطنة ما بعد عام ٢٠٢٠ تستجلب الحديث عن المواطنة الرقمية والمواطنة العالمية، التي يجب أن تكون حاضرة في صناعة المشهد التربوي لتمكين الطلبة بمختلف مناطقهم الجغرافية للتنافس والتفوق، أي يكون لدي طالب يتقن أكثر من لغة، ويمتلك أكثر من مهارة، ويتهيأ لمواجهة التحديات، ويحصن بالمرونة النفسية، فالتشافي من الموروث التعليمي القديم حاجة مجتمعية ماسة، وأعني (المقاومة) التي عبر عنها البعض في رفض النمط الجديد الذي قد يكون فعلا مؤقتا وقد يستمر فلا أحد يمتلك أي معلومة أكيدة حتى اللحظة.

علينا أن نتحرر من مشاعر الغضب والحنق تجاه التعليم عن بُعد كممارسة، حتى لو لم يكن لأجلنا فلأجل هؤلاء الأطفال الذين هم أحوج لطاقتنا وتركيزنا، ولا يمكن أن تقدم الدعم لطفلك وأنت تتذمر أمامه، شاركه في جهازه، اختر معه (اسم مستخدم) لينشئ بريده الإلكتروني بهوية محترمة وتشبهه لا بهويات مزيفة ومسميات غير لائقة. المواطنة الرقمية نمط حياة، فتخيل أن يصلك إيميل من طالب أو زميل بمسمى (جرحك وصل، أو توته الحلوة)!، ما سيحققه التعليم عن بُعد من (وعي رقمي) يفوق التوقعات، وبدلا من أن ننشغل بالمعوقات لنواصل المسير فالتوقف الآن غير مجدٍ.

كاتبة سعودية

areejaljahani@gmail.com