-A +A
أنمار مطاوع
الطبع الإنساني يميل إلى الكسب السريع على أطراف مثلث المال والسلطة والشهرة.. وعندما يكون أحد الأطراف هو الغاية والمطلب، تتحرر الوسيلة من أي قيمة قد تعيق الوصول للهدف.

خلال الفترة الماضية، طفت على السطح الإعلامي فضيحة العلاقة الأخلاقية بين مشاهير التواصل الاجتماعي وغسل الأموال. القضية في جوهرها لا تخص دولة محددة ولا موقعاً محدداً ولا أشخاصاً محددين، فالمشاهير المنتمون لمغسلة (البوتيكات) -حسب مسمى الفضيحة- ليسوا سوى طفح لم يستطع أن يصمد طويلاً تحت الأغطية النظامية.. فانكشف وظهرت عورته على الملأ. لكن الحقيقة الكاملة لم تتكشف ولم يتم حصرها بعد؛ خصوصاً وأن معظم من لم تطالهم أضواء هذه الفضيحة أو غيرها، انسحبوا من اللعبة التي دخلوها من باب خلفي (وربما) لم يعرفوا أن وراءه مطحنة أخلاقية تعمل على مدار الساعة. طبعاً (المطحنة الأخلاقية) يقصد بها غسل الأموال؛ فأسوأ عمل يمكن أن يجد الفرد نفسه متورطاً فيه هو غسل الأموال.. لأنه وظيفة تجمع كافة أطراف الرذيلة: المخدرات، الأسلحة، الرقيق الأبيض، الإرهاب.. والقائمة تطول وتصل إلى ضلوع دول عليها عقوبات؛ تكون عاجزة عن التعامل مع النظام المصرفي العالمي، فتلجأ إلى التحايل على النظام العالمي بتجنيد أفراد يتم صناعتهم للقيام بعمليات غسل الأموال كحل بديل.


في الآونة الأخيرة أيضاً تكشفت فضيحة (التيك توك). على الرغم من أن هذا التطبيق يعبّر عن الجانب الفكاهي والتسلية لمئات الملايين من المشتركين -يصل لمليار-، إلا أن عاصفتين تضربانه من طرفين: الأولى هي اتهامه من رئيس أقوى دولة بأنه نظام تجسس احترافي يعمل لحساب الحكومة الصينية ويمدها بالمعلومات الخاصة والعامة. وإن جاء تعليق إدارة التطبيق بعيداً عن تصريحات الرئيس بقولها: مئات الملايين جاؤوا للتسلية والاتصال، ومنهم مبدعون وفنانون يكسبون «لقمة عيشهم» من المنصة. إلا أن اتهام الرئيس للتطبيق بالتجسس لا يمكن أن يكون مجرد محض افتراء لا أساس له.

هذا التطبيق أيضاً له جانب آخر ربما هو الأهم -حالياً-: فهناك قضايا متعددة لدى محاكم دول عربية تم الحكم فيها بتهم متفاوتة كلها ذات علاقة مباشرة بـ(خدش) الحياء و«التشجيع على الرذيلة» من خلال التطبيق.

التعذر بالنوايا الحسنة ليس مخرجاً من المسؤولية.. فمغسّل الأموال يعرف أنه موظف في مغسلة قذرة.. جداً، والمحرّض على الرذيلة يعرف أنه شيطان رقمي، والمسيء لوطنه أو المروّج لدول غير صديقة.. يعرفون أنهم متورطون في مستنقع لزج. كما أن النظام واضح، وقد وضع قواعد وقوانين ولوائح لحماية المغفلين.. وهو قادر على حمايتهم.. شريطة أن تكون نواياهم فعلاً حسنة.

كاتب سعودي

anmar20@yahoo.com