-A +A
رامي الخليفة العلي
على امتداد سنوات خلت لم يخل بوق إعلامي تابع لقطر أو تركيا أو جماعة الإخوان المسلمين من خبر أو تحليل أو رأي يستهدف المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، وبشكل شخصي الشيخ محمد بن زايد ولي عهد أبوظبي والأمير محمد بن سلمان آل سعود ولي العهد في المملكة العربية السعودية. ويحق للمراقب الموضوعي والمحايد أن يتساءل لماذا هذا الكم من الحقد والكراهية التي يتم توجيهها لتلك الشخصيتين العربيتين، ينبري لك أحدهم ليردد على مسامعك تلك السيمفونية المكررة حول معارضة المملكة والإمارات لما سمي الربيع العربي، وهذا أمر يحسب لهاتين الدولتين وليس ضدهما، فأكثر المتحمسين لما حدث في العالم العربي طوال العقد الماضي يدرك حجم الكوارث التي جرّها الربيع المزعوم وملايين الضحايا الذين تشهد عليهم ساحات الحروب في سوريا واليمن وليبيا وغيرها. ثم إن الدولتين كانتا تدافعان عن أمنهما واستقرارهما وإذا لم تكن هذه مهمة الحكومات والدول فماذا تكون! ثم يأتيك آخر ليقول إن الشيخ محمد بن زايد وكذا الأمير محمد بن سلمان يؤيدان الجيش المصري، وذلك والذي نفسي بيده لشرف يفتخر به الرجلان، ألم يكن هذا الجيش رمز الهوية المصرية وعنوان وحدتها، ثم إن هذا الاتهام لا يطال المملكة ودولة الإمارات وحدهما بل يتهم ويصب اللعنات على معظم أبناء الشعب المصري الذي عرف عنه تأييده ودعمه المنقطع النظير لجيش بلاده، بالطبع يبقى هناك قلة لا تستحي من إعلان ولائها للأجنبي وإعلان انتمائها لكيان آخر غير الدولة المصرية. يذهب البعض أن الشيخ محمد بن زايد والمملكة هما وراء ثورة 30 يونيو، وهذا لا يسيء لأحد قدر ما يسيء للشعب المصري والجيش المصري، ويظهرهما ضعيفين هشّين، لا بل كان تحالفاً بين الشعب المصري ومؤسسات الدولة المصرية التي رفضت سيطرة جماعة الإخوان على الدولة ومحاولة إلحاقها بتيار يتجاوز الدولة بجغرافيتها وتاريخها. تتهم المملكة والإمارات العربية بأنهما خلف الحرب في اليمن، ومن يتهمهما ينسى أو يتناسى أن التحالف العربي بقيادة المملكة وبمشاركة الإمارات والدول الأخرى إنما يدافع عن الأمن القومي للجزيرة العربية ومنطقة الخليج، وهو الذي منع تحويل اليمن إلى مخلب قط إيراني في خاصرة المنطقة. ولكن هذا الانتقاد يشير إلى حجم التزييف للوعي الذي تقوم به تلك الأبواق الإعلامية، ألم تكن هي نفسها التي تسبح بحمد عملية عاصفة الحزم، وكانت تخصص جل برامجها للدفاع عنها، وعندما تغير موقف مموليها، انقلب الخطاب إلى العكس، هذا مفهوم من قبل تلك الأبواق، ولكن من غير المفهوم أن يتحول بعض متابعيها إلى إمعات تحرفهم كيف تشاء. أما الدماء الطاهرة التي سالت في ساحات الوغى في اليمن فسوف تبقى تاجاً على رأس شعوب المنطقة برمتها. أخيراً الموقف من إسرائيل حيث تتهم تلك الأبواق الشيخ محمد بن زايد بأنه أقام علاقات مع تل أبيب، والإمارات عندما أرادت فعل ذلك لمصالحها الإستراتيجية فقد فعلت ذلك على رؤوس الأشهاد. كان يمكن أن نحترم تلك الأبواق لو وضعت في انتقاداتها قادة قطر وخليفتهم المزعوم قبل الشيخ محمد بن زايد ودولة الإمارات العربية المتحدة.

كل ما سبق هو مجرد أكاذيب وادعاءات لا قيمة لها، وليست مبرراً لتلك الحرب القذرة ولكن السبب الحقيقي أن الأمير محمد بن سلمان والشيخ محمد بن زايد وشرائح وازنة من المجتمعات العربية والنخب العربية هي النقيض الموضوعي لمشروع جماعة الإخوان الإرهابية. أما المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة فهما ماضيتان في مشاريع نهضتيهما مهما ازداد الصياح وارتفعت وتيرة النباح.


باحث سياسي

ramialkhalife@