-A +A
حسين شبكشي
الحادث المهول الذي فجر مرفأ بيروت، يشير في أحد جوانبه إلى أن السياسة البيئية لبوابات الدولة من مطارات وموانئ ومقدار الضبط الممنهج للتلوث البيئي المتوفرة بها بحاجة إلى مراجعة عاجلة وشاملة، حتى لا تكون معبراً أو مقراً للملوثات والدمار البيئي مما جعل بعض الدول في المنطقة تقوم بإجراءات فورية لتنظيف مخازن المطارات بعد الحادث وتحديداً في كل من (مصر والعراق).

في كتابه سيرة ومسيرة ملامح من إستراتيجية التحرر الاقتصادي لقطاع الطيران السعودي، أشار د. محمد نور نويلاتي الخبير والمتخصص في هذا المجال، إلى أن المطارات الدولية في بلادنا عند بنائها كانت تقع في خارج المدن، ومع الزحف العمراني الكبير أصبحت جزءاً من المدن الرئيسية الكبرى التي تنتشر بها. ويشرح في كتابه القيم ضرورة الحاجة إلى تأسيس سياسات ممنهجة واضحة لعدد من القياسات في المطارات على سبيل المثال، برامج قياس الانبعاثات الكربونية، برامج لقياس المواد المشعة والتعامل معها وكذلك المواد الخطرة وتخزينها ونقلها داخل المطارات، وبرامج للحد من تلوث باطن الأرض ومسارات المياه الجوفية، لتكون بعيداً عن التجمعات السكانية، حيث إن المطارات تستهلك كميات هائلة من المياه والوقود والموارد الطبيعية والطاقة بأشكالها المختلفة.


لذا لابد من وجود منهجية تشريعية واستشارية لوضع معايير وضوابط ومقاييس عبور واستخدام وتخزين المواد في المطارات وبعد ذلك للرقابة وتنفيذ هذه اللوائح والسياسات.

ومطار الملك عبدالعزيز الدولي بجدة يمثل حالة خاصة لوجوده غرب محطات تجميع الصرف الصحي المكشوفة وما يمثله من تحد صحي وبيئي لأحياء شمال جدة، والمطار نفسه تحد يأخذ أشكالاً مختلفة.

وما يقال عن المطارات يقال أيضاً بطبيعة الحال عن الموانئ.

وقطاع الطيران المدني من أساسيات اقتصاد الوطن، ويعول على هذا القطاع كثيراً لتفعيل النمو الاقتصادي نظراً لأهميته في ذاته ومكوناته وأيضاً باعتباره قطاعاً وسيطاً يفعل النمو في قطاعات اقتصادية أخرى مثل التمويل والسياحة والخدمات المساندة على سبيل المثال لا الحصر، وبالتالي ضرورة وجود إستراتيجية واضحة ومعلنة تكون من أسباب تمكن ونمو هذا القطاع وتحقيق عائد عادل للدولة التي استثمرت مبالغ كبرى في البنى التحتية من مطارات وطائرات وأنظمة ملاحة وكذلك بطبيعة الحال للمستثمرين الراغبين في هذا المجال.

المرة الأولى التي وضعت إستراتيجية للقطاع كانت تقريباً في عام 2006 ويوضح د. محمد أنور نويلاتي في كتابه من موقع المسؤولية في ذلك الوقت ومقدمها كحالة دراسية كيف اعتمدت الإستراتيجية على التحليل الكمي للبيانات ثم اعتمدت من أعلى الجهات في الدولة ونتج عنها التحرر الاقتصادي للقطاع ومهدت الطريق لإصدار رخص الناقلات الوطنية وإنشاء شركات المطارات والملاحة الجوية وأساليب مبتكرة لتمويل مشروعات الطيران المدني واعتبار جدة مطاراً محورياً.

بعد ذلك بأكثر من عشر سنوات وضع الطيران المدني إستراتيجية لتحويل مطار أبها إلى مطار محوري وتعثرت الخطة.

من المهم أن تضع الهيئة العامة للطيران المدني إستراتيجية للقطاع خاصة بعد الجائحة لتمكين هذا القطاع من النمو ليؤثر إيجابياً في القطاعات المرتبطة به ويكون قاطرة للنمو الاقتصادي.

كاتب سعودي

hashobokshi@gmail.com