-A +A
طارق الحميد
العنوان أعلاه واضح، مباشر، وبلا مواربة، مثله مثل خطوة السلام المهمة، والتاريخية، والتي رعتها إدارة الرئيس الأمريكي ترمب لتدشين العلاقات الإسرائيلية الإماراتية. هذه المقدمة هي لأقول إننا أمام عملية سلام واضحة، وليست علاقات من تحت الطاولة، ثم مزايدات مثيرة للسخرية.

اليوم نحن أمام ثاني أهم تحرك سياسي في منطقتنا بعد مبادرة السلام السعودية، والتي أصبحت عربية.


اتفاقية العلاقات الإماراتية-الإسرائيلية المعلنة هذه تعني أن دول المنطقة قررت أن تقوم بدورها، وتحجم المطامع الإقليمية، ولتضع حدا للعب الصغار، دولا أو جماعات.

عنوان الاتفاق الإماراتي-الإسرائيلي العريض هو «يمتنع الوسطاء»، فالعلاقات الآن علاقات دول، وبدون مزايدة ولعب أدوار كاذب. ولذا كان محقا، وشفافا، وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية الدكتور أنور قرقاش حين قال: «إن الإمارات تؤمن بأن التزامها بمباشرة علاقات ثنائية اعتيادية مع إسرائيل سيمكنها من خلال التواصل المباشر على لعب دور مؤثر في ما يتعلق بأمن واستقرار المنطقة».

وهذا صحيح تماما بمنطقة بات قرار الحرب فيها أسهل بكثير من قرار السلام. هذا الكلام صحيح جدا بمنطقة يتخذ فيها قرار الحرب للدفع بصرف شيك متأخر، مثل ما تفعل حماس. منطقة يتخذ فيها قرار الحرب لتحريك ملف عالق، أو للهروب من تداعيات عملية اغتيال، وكما فعل حزب الله، ذراع إيران، في ٢٠٠٦، بعد اغتيال رفيق الحريري.

ولذا فإن قرار السلام بين الإمارات وإسرائيل مهم كونه أعاد الزخم لعملية السلام المنسية، وذكر المنطقة، والعالم، أن هناك دعاة سلام، وأعداء للحروب بالمنطقة، كما ذكر المجتمع الدولي بأن دوره هو تعزيز الدول، والسلام، وليس التناغم مع الأحزاب، والجماعات، التي تنفذ أجندات إقليمية.

اليوم نحن، مثلا، أمام رئيس أمريكي أنجز خطوة حقيقية بالسلام في الشرق الأوسط، على عكس سلفه باراك أوباما الذي حاز جائزة نوبل مقابل لا شيء. ترمب لم يلقِ خطابا يبيع فيه الوهم في جامعة القاهرة ثم يسلم المنطقة برمتها لإيران، وكما فعل أوباما.

وعليه يخطئ من يعتقد بأن السلام، أو العلاقات الإماراتية- الإسرائيلية، هي علاقات عامة صارخة، أو دعم انتخابي، بل هي خطوة مفصلية يستشعر خطورتها الآن كل من الأتراك، وإيران، والأحزاب، والجماعات المحسوبة عليهم بمنطقتنا، كما أنها خطوة لتعزيز معسكر السلام، وتحجيم المتطفلين.

نعم عزيزي القارئ، أقصد قطر.

اليوم تتغير قواعد اللعبة بمنطقتنا، ومنذ سقوط نظام صدام حسين، اليوم بات معسكر الاعتدال يجلس على مقعد القيادة الأمامي، وليس القيادة عن بعد، أو من الخلف، كما يقال. اليوم هناك دولة عربية استعادت زمام المبادرة.

حسنا، قد يقول قائل: وماذا عن الفلسطينيين؟ الإجابة غدا، بإذن الله.

tariq@al-homayed.com