-A +A
هاني الظاهري
من الأخبار الطريفة التي تداولتها وسائل الإعلام أمس الأول خبر يشير إلى أن نظام أردوغان الحاكم في تركيا يلوح بقطع العلاقات مع دولة الإمارات العربية المتحدة رداً على توقيع الاتفاقية الثلاثية بين أبوظبي وواشنطن وتل أبيب، وهذا يعني أن النظام التركي الذي يعد أكبر حليف لإسرائيل في المنطقة والذي لديه في قلب عاصمته سفارة إسرائيلية منذ عشرات السنين وصل إلى مرحلة غير مسبوقة من الحماقة والغباء السياسي، إذ يمكنه ببساطة نصرة القضية الفلسطينية كما يزعم بقطع علاقاته المعلنة والتاريخية مع إسرائيل بدلاً من المزايدة على دولة خليجية استطاعت بذكائها السياسي وشجاعة قيادتها أن توقف خطة الضم الإسرائيلية لأراضي الضفة الغربية.

والحق أن النظام التركي بهذا السلوك المثير للسخرية يشبه إلى حد كبير كلب المنزل المدلل الذي من عادته أن يهاجم الغرباء، لكن الأكثر إثارة للسخرية أن هناك من يصدق أن نظام أنقرة مهموم بالقضية الفلسطينية ويسعى لنصرة الفلسطينيين، وهذه ليست مزحة فلا حدود لغباء المؤدلجين الذين باعوا عقولهم لمن يغرقهم بالشعارات والخطب وإن كان واقعه يصرخ في وجوههم مؤكداً أنه كاذب ودجال وبائع كلام.


في مقال سابق لي بعنوان «أردوغان وإسرائيل.. العشق المفضوح» أوضحت أن تفاصيل علاقة العشق الساخنة بين نظام تركيا ونظام تل أبيب معلنة بالأرقام والوثائق من قبل الدولتين ويستطيع أي شخص بضغطة زر عبر الإنترنت أن يطلع عليها وهو يتناول قهوته دون أي صعوبة، وأتذكر أن نقاشاً دار بيني وبين أحد المخدوعين بالعنتريات الكلامية للرئيس التركي حولها فحاول الدفاع عن أردوغان بزعمه أن علاقات تركيا مع إسرائيل سبقت وصوله إلى السلطة وأنه منذ استلم الحكم بدأ في فض الشراكة مع الإسرائيليين، فطلبت منه أن يبحث عن أرقام التبادل التجاري بين أنقرة وتل أبيب قبل رئاسة أردوغان وبعد ذلك ليفهم الأمر بنفسه وبالفعل ذهب صاحبنا وبحث بنفسه واكتشف أن حجم التبادل التجاري بين تركيا وإسرائيل عام 2002 أي قبل تولي أردوغان منصب رئاسة الوزراء بعام واحد كان يبلغ 1.39 مليار دولار فقط، وفي عام 2014 ارتفع إلى 5.83 مليار دولار، ثم عاد لي مذهولاً من أكاذيب الدعاية التركية الموجهة للعرب والمسلمين والعنتريات الكلامية التي يمارسها أردوغان على خشبة المسرح، بينما يلقي بها في سلة المهملات خلف الكواليس.

مشكلة الرئيس التركي أنه لم يفهم حتى الآن أن نظرية وزير الدعاية النازية جوبلز التي تقول: «اكذب.. اكذب، ثم اكذب حتى يصدقك الناس»، كانت «تعمل» بشكل جيد في عصر هتلر لضعف وسائل الاتصال والمعرفة آنذاك وصعوبة الحصول على المعلومات الحقيقية نتيجة سيطرة الحكومات على كل ما يسمعه ويشاهده مواطنوها، أما اليوم فلم تعد النظرية النازية تعمل أو تفيد سوى في إضحاك الناس وإثارة سخريتهم من المهرجين الذين يرتدون ثياب السياسة.

*(كوبيك) كلمة تركية تعني (كلب).

كاتب سعودي

Hani_DH@