-A +A
مي خالد
موجة من البهجة والهاشتاقات التي تتوالد في مواقع التواصل، وكثير من أهلي وصديقاتي شاركوني الروابط للأخبار السارة التي أعلنتها هيئة الرقابة ومكافحة الفساد. لذا ربما تستطيعون تصور حالتي وأنا أقرأ أخبار هيئة مكافحة الفساد وأخبر جميع من في البيت عن صاحب السيارة الميباخ فنبتسم، وقد أثلج صدورنا انتقام الله وقصاصه العادل منه، ومن عضو مجلس الشورى الذي ربما كان يظن أن عضوية الشورى ستمنحه حصانة لا تكشف سرقاته الماضية، ومن القاضي، وصولاً إلى رجل المرور الفاسد. أثلجت صدورنا هذه الأخبار كما لو كانت ثأراً شخصياً بيننا كسعوديين وبين هؤلاء اللصوص الذين لم يخافوا الله ولم يخافوا على مقدّرات الوطن.

ينتشر الفساد في معظم البلدان النامية ويشكل جزءاً من الحياة اليومية، بل لقد تعلمت المجتمعات العربية أن تتعايش مع الفساد وتمجد الفاسدين، حتى أنه صار في بعض الدول العربية جزءاً لا يتجزأ من ثقافتهم. لا يقتصر الأمر على القرارات العامة أو الرسمية مثل منح العقود الحكومية أو مقدار الضريبة المستحقة، ولكن في كثير من الأحيان تحتاج دفع رشوة من أجل الوصول إلى خدمة عامة أو ممارسة حق أو الحصول على طابع بريدي للمعاملات، كل شيء بثمنه ومن تحت الطاولة.


ومما يساعد على انتشار الفساد، الصورة المكرسة عبر سنوات طويلة عن الدولة التي بموجبها يُنظر إلى الخدمة المدنية، بعيداً عن كونها مؤسسات موجودة لتنفيذ حقوق المواطنين، على أنها أقل الطرق خطورة للوصول إلى التكسب والثراء السريع.

وبطبيعة الحال هذه المؤسسات في الدول النامية ذات طبيعة بيروقراطية. وهناك عدد كبير من اللوائح المعقدة والمقيدة إلى جانب الضوابط غير الفاعلة والقوانين المطاطية التي تساعد الفساد في القفز من فوقها.

لذا إلى جانب العمل الرائع والدؤوب الذي تقوم به هيئة الرقابة ومكافحة الفساد يجب على كل وزارة تجديد قوانينها وسد الثغرات فيها والتخلص من بيروقراطيات العمل وتحديثه من الداخل وليس فقط أتمتته ظاهرياً كما هو الحاصل الآن، وبمجموع هذه التحديثات المأمولة سنبني باباً كبيراً يغلق في وجه لصوص المال العام. وهكذا تتضافر الجهود وتثمر ثم تزهر التنمية وتزدهر الأوطان.

كاتبة سعودية

may_khaled@hotmail.com

mayk_0_0@