-A +A
رامي الخليفة العلي
وكأن مربع الجوار العربي من الأتراك والإيرانيين والإسرائيليين والإثيوبيين على موعد مع كورونا في اللعب على المكشوف للتنسيق فيما بينهم والتسريع في الإجهاز كل من جانبه على الأقرب جغرافيا والأغنى موارد طبيعية والأضعف في الجبهة الداخلية من الدول العربية.

لكي لا يقف مفهوم الأمن العربي قاصراً عند حالة الدفاع بانتظار وقوع الخطر من مربع الجوار المتربص بدولنا، لا بد من إعادة النظر بمفهوم الأمن القومي ليكون استباقياً للردع. ولا بد من توسيع مظلة الأمن القومي العربي ليشمل كافة الدول العربية التي توقع عليه وتقره وتشارك في ميزانياته وإدارته.


كل الدول العربية دون استثناء في خطر وجودي من قبل مربع الجوار العربي، مما يحتم إحياء اتفاقية الأمن القومي العربي بمفهومها الردعي الاستباقي، وليس بمفهومه الدفاعي، لا يجب الانتظار حتى تسقط دولة عربية فريسة لاحتلال أجنبي لكي يتم تفعيل اتفاقية الأمن القومي العربي.

هناك فرق بين أن تكون الدولة العربية في معركة داخلية بين أبناء الشعب الواحد، أو بين الشعب والنظام أو أن تتعرض الدولة العربية لاحتلال أجنبي. لا يجوز أن تكون الخلافات السياسية بين الدول العربية نفسها سبباً ومبرراً في التفريط بالأرض والشعب والسيادة لأي دولة عربية. ولا يجوز الاستقواء بالخارج من قبل أي فئة ضد خصمها السياسي أو المذهبي أو الطائفي؛ سواء كان من الشعب أو النظام.. وهذه إحدى مهمات الأمن القومي العربي.

ومن نافلة القول بأن نجاح اتفاقية الأمن القومي العربي، بناء قاعدة تصنيع حربي حديث تديرها وتشغلها عقول عربية مع الخبرات الأجنبية، فاستمرار الدول العربية بالاعتماد الكلي والمطلق على استيراد أسلحتها من دول في الخارج لها أجنداتها ومصالحها في إشعال الحروب في دولنا وتوظيف واستغلال تناقضات شعوب في دولنا، لا يمكن أن يحقق الأمن القومي العربي.

كما أن اتفاقية الأمن القومي العربي تتطلب إرادة سياسية من الدول العربية التي توقع على هذه الاتفاقية بصيغتها وأهدافها المقترحة. قد يصعب تحقيق تلك الإرادة السياسية العربية في ظل استفحال أزمة الثقة الكبيرة التي تشهدها العلاقات العربية العربية والمتفاقمة منذ اندلاع أحداث الربيع العربي وإلى اليوم. وهذا يقودني إلى أن تتبنى كل مجموعة من الدول العربية المتجاورة نظاما كونفدراليا يؤسس لتنسيق إستراتيجي مشترك بين كل مجموعة من الدول العربية في حده الأدنى الأمن والدفاع وحده الأعلى الاقتصاد والسياسة. وبدلا من 22 دولة عربية ممثلة في جامعة الدول العربية أو في الأمم المتحدة يكون عدد أعضاء الدول العربية بعدد أصابع اليد الواحدة لتضييق فجوة الاختلافات وأزمة الثقة بين الدول العربية.

إن النظام الكونفدرالي العربي هو الضمانة الوحيدة للحيلولة دون شبح الفدرلة التي بدأت تلوح بالأفق نذرها وتهدد دولا عربية بالتقسيم المذهبي والطائفي والديني والعرقي والثقافي.

إن نظام دولة الإمارات العربية «الكونفدرالي» يعد نموذجا يحتذى خاصة للدول العربية الهشة جبهتها الداخلية لاعتبارات اقتصادية أو مذهبية أو سياسية. وهو بكل الأحوال يعد حصانة أمنية ضد شبح التقسيم والتمزق والفدرلة التي تهدد أكثر من بلد عربي. فوق ذلك يمكن التعويل على النظام الكونفدرالي في تحقيق وإنجاح الأمن القومي العربي بمفهومه الأفقي والرأسي.