-A +A
ريم بنت عبدالخالق
في الوقت الذي يرزح فيه العالم تحت وطأة التبعات السياسية والاقتصادية والاجتماعية لجائحة كورونا اختارت قيادتنا الرشيدة - كعادتها قيادةً ورشداً - أن تبقى على التزامها ووفائها تجاه الأمة الإسلامية، وأصدرت قرارها بالسماح بإقامة شعيرة الحج لهذا العام لحجاج الداخل - بالطبع - في ظل الظروف الحالية وتعطل حركة الملاحة الخارجية احترازياً.

ولأنه وطن يعتنق الإسلام ديناً ومنهجاً ونبراساً وأسلوب حياة فقد تقرر السماح للحجيج من كافة الجنسيات المقيمة على أرض المملكة، جاعلة أساس المفاضلة في السماح بتأدية الحج هو أن يكون الحاج مؤهلاً صحياً لذلك دون المخاطرة بصحته أو صحة بقية الحجيج..


محتضنة لهم في هذه البقعة الطاهرة كما عودتهم أن تحتضنهم بكل الحب على كل بقعة من تراب هذا الوطن المعطاء، وكما دأبت بكل ما نشهده من تقدم ملموس في التخطيط والتنفيذ عاماً بعد عام..

وحتى في هذه الظروف الاستثنائية بكل المقاييس تبقى قيادتنا بحكمتها ونظرتها الرصينة والتزامها المشرف بخدمة الإسلام والمسلمين أنموذجاً متفرداً في أداء رسالتها وتأدية أمانتها..

فلا سقف يحد تطلعاتها في تقديم الخدمات للحجيج وتوفير كافة سبل الأمان والراحة لهم ليتمكنوا من أداء مناسكهم في جو من الروحانية التي تليق بهذه الفريضة وتحقيق أعلى المعايير الأمنية والصحية للحفاظ على أرواحهم وصحتهم التي تقع مسؤوليتها على عاتقنا كسعوديين حكومة وشعباً، وتكريس طاقتها لتحقيق إجراءات السلامة وتطبيق قواعد التباعد الاجتماعي قدر الإمكان والتعقيم والفحوصات وغيرها من الخدمات..

فنحن أينما كنّا سنبقى جنوداً نحف مواكب الحجيج في أروع صور الاحتفاء بضيافتهم، التي اختصنا الله بشرفها في أقدس بقاع الأرض.

هذه البقعة التي لم تتوانَ قيادتنا يوماً في تسخير كافة إمكاناتها لجعلها تزهو في هذا الموسم الديني من كل عام في أبهى حللها.. مرتدية ثوبها الأبيض في مخيماتها ومساكن حجيجها، ذلك البياض الذي ينافس في طهره أردية الحجيج، ويذكرنا بالأيادي البيضاء التي يمدها كل سعودي مخلص لخدمة دينه ومليكه ووطنه.

فهذا ديدننا ونهجنا الذي نتبارى وننافس أنفسنا كسعوديين للقيام به.

طوبى لكل رجل أمن في كل منفذ لهذه البقعة الطاهرة نذر روحه وعينيه الساهرتين لحفظ أمن الحجاج..

طوبى لكل ممارس صحي ألبس حاجاً سواراً إلكترونياً ليبقى محفوفاً برعاية صحية متميزة وجعل الحفاظ على صحة كل ضيف من ضيوف الرحمن مكافأته.

طوبى لكل من أرشد حاجاً أو أمسك بيد شيخ أو حمل طفلاً أو مد فراشاً أو قدم طعاماً أو دواء أو روى عطش حاج ماداً روحه وابتسامته قبل أن يمد يده.

طوبى لكل القائمين على خدمة الحجيج في هذا الوطن الشامخ بشموخ مواقفه وعطاءاته.

ويكفينا فخراً وشرفاً وغبطة أن العالم كله في هذه الأيام المباركة يشاهد هذه المناسك، بينما أنا وأنت وكل سعودي وسعودية نتسابق في تسهيل أدائها لحجاج بيت الله الحرام، إن لم يكن بتواجدنا بينهم وخدمتهم فعلياً فنحن نحفهم بقلوبنا التي ما عرفت يوماً إلا الحب.

قلوب السعوديين التي تشبه حمائم الحرم وهي تطوف بطهرها من حولهم، من أول تكبيرة تصدح بها أصواتهم وحتى آخر تلويحة وداع أثناء مغادرتهم لهذا الوادي الطاهر من بلادنا..

والعبرة ليست بقلة الحجيج أو كثرتهم، فالمملكة أثبتت عاماً بعد عام وموسماً بعد موسم من مواسم الحج قدرتها وكفاءتها في القيام بواجبها تجاه ضيوف الرحمن، ولكن العبرة تكمن في كيفية تحقيق ذلك في أصعب الظروف والتحديات دونما تفرقة بين جنس أو جنسية أو عرق أو لون.

وطن موسومون بحبه.. تخر فيه جباهنا ساجدة لله وتطاول فيه هممنا السحاب بحزم سلمان وعزم محمد.

ويكفينا فخراً أننا أبناء سلمان.. (سعوديون) حملنا اسمه وسماته، ولا نملك حين يكون أبونا ومليكنا خادماً للحرمين الشريفين إلا أن نكون يمينه ودرعه وعصاه.

* وقفة فخر:

يفرق عن الأوطان بالراس والأنف

هو موطن المبعوث.. هو موطن البيت

بارفع له الراية وباقرع له الدف

والسيف لعيونه من الغمد سليت

خالد الفيصل