-A +A
حمود أبوطالب
خلال اليومين الماضيين كان الموقف المصري بشأن الوضع الليبي أحد أهم الأخبار التي استقطبت الاهتمام، فقد فوض البرلمان المصري الرئيس السيسي بتوجيه الجيش لاتخاذ ما تفرضه الضرورة للدفاع عن الأمن القومي المصري ودرء الخطر الذي يهدده من الجانب الليبي، وبعد صدور التفويض رفعت مصر سقف شروطها أو لاءاتها لتشمل انسحاب القوات التركية وإزالة قواعدها العسكرية بالإضافة إلى المطالب السابقة المتمثلة في رفض تقسيم ليبيا ومنع تجاوز الخط الأحمر وإخراج الميليشيات التي جلبتها تركيا ودعم الجيش الليبي ليكون القوة العسكرية الوطنية الشرعية، فهل بالغت مصر في شروطها، وهل هذه الشروط قابلة للتطبيق، وهل هي في صالح ليبيا ومصر.

الحقيقة أن مصر لم تطلب إلا ما يجب أن يكون لمنع خطر حقيقي يهددها، ويهدد الأمن العربي كله ببسط تركيا نفوذها في ليبيا وتحويلها إلى مستعمرة تركية. مفهوم أن تركيا طامعة في ثروة ليبيا النفطية، لكن الهدف الإستراتيجي هو خلق ساحة مضطربة في الجوار المصري لتصدير الفوضى والإرهاب إلى مصر لاستنزافها وإنهاكها بجبهة مشتعلة تؤثر على استقرارها، ولتهيئة أوضاع تساعد على تفجيرها من الداخل لاحقاً. مصر ما زالت الهدف الإستراتيجي لمشروع الفوضى الخلاقة في العالم العربي، وما زال الرهان قائماً على أنها بوابة نجاح المشروع ولابد من فتحها بعد المحاولة الفاشلة بتسليمها لتنظيم الإخوان.


مصر تعرف جيداً أن أنصاف الحلول لا تجدي، وأن التنازلات لا مكان لها إزاء خطر وجودي يتشكل بجوارها، لذلك جاءت لاءاتها واضحة ومحددة وصارمة بإزاحة السبب الأساسي والراعي الرسمي للفوضى في ليبيا، فإذا لم تخرج منها تركيا كلياً فلن يزول الخطر. ومثلما هي تؤكد على تطلعها لتحقيق هذا الهدف سلمياً إلا أنها جاهزة للخيار العسكري إذا اضطرت له، وقادرة على الحسم، وليعرف العرب أن مصر تدافع عن أمنهم جميعاً بإصرارها على إخراج تركيا من ليبيا لأن وجودها في هذا المكان يختلف عن وجودها في الأماكن الأخرى.

إن لاءات مصر يجب أن تكون لاءات كل العرب الذين يريدون سلامة ما تبقى من أوطانهم.