-A +A
علي محمد الحازمي
كان لي مقال سابق بعنوان «أوقافنا الجامعية تناقض رؤية 2030!» تحدثت فيه أن تنمية الموارد المالية الذاتية للجامعات السعودية تعد ركيزة أساسية لاستقلال تلك الجامعات مالياً، كان خبر استقلال ثلاث جامعات وهي: جامعة الملك سعود بالرياض، وجامعة الملك عبدالعزيز بجدة، وجامعة الإمام عبدالرحمن بن فيصل بالدمام أكاديمياً وإدارياً ومالياً خبراً مهماً فلا أحد يختلف أن استقلالية مؤسسات التعليم العالي ستمكنها من خلق بيئة أكاديمية تنافسية جاذبة؛ سواء على مستوى الكادر الأكاديمي أو الطلاب أو حتى الجانب الإداري، هذه الاستقلالية بدورها ستساعد في استقطاب القيادات المتميزة وجذب أفضل أساتذة الجامعات، وبالتالي اختيار أفضل الطلاب كما أنها ستعطي مرونة كبيرة في تحديد سقف رواتب وامتيازات الأساتذة، ومكافأة المبدعين منهم، وحرية تصميم البرامج الجامعية وفقاً لمتطلبات السوق المحلية والدولية، كما أنها؛ أي هذه الاستقلالية، تعطي الجامعات قدراً كبيراً من امتلاك برامج تمويل تنافسية، ولكن السؤال المهم الذي يجب أن لا يغفل عن بالنا ويطل علينا برأسه حاداً كالسهم: هل جامعاتنا قادرة على الاستقلال المالي؟! وهل من يقود تلك الجامعات يملكون الفكر الاستثماري القادر على تحرير ميزانية الدولة من عبء تلك الجامعات مالياً؟

لغة الأرقام لعلها تجيب على نصف تلك الأسئلة، والنصف الآخر مرتهن بنجاح تجربة الجامعات التي وقع عليها الاختيار، حيث إن فشل هذه التجربة ربما سيكون «وأداً» لهذا البرنامج الطموح بقيادة معالي الوزير حمد آل الشيخ، بلغت تقريباً ميزانية الجامعات السعودية لآخر 15 سنة 635 مليار ريال سنوياً بمتوسط سنوي 42 مليار ريال، كما بلغ متوسط الإيرادات الذاتية للجامعات السعودية مجتمعة 400 مليون ريال، وذلك عن طريق القنوات الاستثمارية داخل تلك الجامعات وهذا يعني أن الجامعات حققت أقل من 1% كمتوسط إيرادات سنوية مقارنة بميزانيتها السنوية!.


في حديث سابق لمعالي الوزير أكد فيه أن «مشهد توجيه حصص من الميزانية العامة للمملكة، سنوياً، للجامعات السعودية، لإدارة أنشطتها وبرامجها، سيكون شيئاً من الماضي»، ليس لدي أدنى شك أن الاستقلال الأكاديمي والإداري سيتحقق سريعاً بما أن الجامعات تعتبر نوعاً ما مستقلة في هذا الجانب من قبل هذا القرار، ولكن التحدي الكبير الذي يواجه تلك الجامعات هو قدرتها على الاستقلال المالي حتى ولو بنسبة 25% لأن الأرقام المتواضعة في الوقت الحالي تشير إلى أن تلك الجامعات بعيدة كل البعد عن الملاءة المالية التي تمكنها من تمويل أنشطتها وبرامجها!