-A +A
رامي الخليفة العلي
خلال أسابيع قليلة تعرضت كثير من المواقع الإيرانية سواء الصناعية أو العسكرية للهجوم، مما أدى إلى خسائر فادحة من الناحية المادية ولا نعلم على وجه الدقة واليقين مقدار الخسائر البشرية، وهذه غالباً ما يتحفظ عليها نظام طهران. بكل الأحوال فإن التفجيرات كانت مؤلمة للنظام الإيراني وأظهرت مدى هشاشة النظام والقدرة التي يمتلكها أعداؤه لمواجهته واختراقه. ومقدار الألم يمكن فهمه من السياق الذي تأتي به هذه الهجمات، فعلى صعيد الداخل الإيراني فإن الأزمة الاقتصادية كانت طاحنة على مدى السنوات الأربع الماضية والتي أدت إلى تضخم كبير وانهيار في قيمة العملة وصل إلى 70 بالمئة وانهيار في الطبقة الوسطى التي لم يستطع النظام حمايتها. كما أن جائحة كورونا جاءت لتزيد الطين بلة بسبب الإدارة السيئة مما أدى إلى استطالة فترة الوباء. كما أن مغامرات النظام وانخراطه في حروب مشتعلة في المنطقة كلفت إيران غالياً وهو يدفع قليلاً من فاتورة ثقيلة سوف يستمر في دفعها طالما بقي جاثماً على صدر الشعب الإيراني.

في نفس السياق، فإن العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة الأمريكية تركت الوضع الداخلي الإيراني معقداً للغاية وتركت النظام يخوض معركة شرسة على أكثر من جبهة. صحيح أن الإدارة الأمريكية تجنبت الصدام المباشر والشامل مع النظام الإيراني ولكن بالمقابل فإن إدارة الرئيس دونالد ترامب هي من أكثر الإدارات منذ كارتر التي وجهت ضربات قاسية إلى النظام الإيراني. الحرب الاستخباراتية جارية على قدم وساق بين الطرفين تجلى ذلك في تصفية الإرهابي قاسم سليماني وكذا في محاصرة ذيول إيران في المنطقة وعلى رأسهم حزب الله الإرهابي، حيث يعاني هذا الأخير أزمة مالية خانقة وجر إليها لبنان برمته كما تعرضت وتتعرض الميليشيات الإيرانية في العراق إلى هجمات مستمرة. الرد الإيراني على تلك السياسة الأمريكية جاء استعراضياً وأدى إلى مقتل جنود عراقيين ولم يؤذ جنديا أمريكيا واحدا.


لا نستطيع الجزم بمن يقف وراء تلك الهجمات التي شهدتها إيران مؤخراً ولكن السياق الذي تحدثنا عنه ربما يعطينا فكرة أولية، ولكن تأثير تلك التفجيرات كبير على صعيد المعركة المستعرة مع الولايات المتحدة وكذلك على صعيد الأوضاع الداخلية فقد أظهرت النظام الإيراني أنه ليس أكثر من «نمر من ورق»، فمن قام بتفجير نطنز على وجه التحديد كان شخصاً أو مجموعة من الأشخاص تسللوا إلى داخل المفاعل وقاموا بزرع متفجرات، وهذا يعني أن جرأة أعداء النظام في الداخل تعاظمت بعد استشعار ضعفه. كما أن النظام لم يستطع حماية مصالحه الحيوية من الاختراق سواء المادي أو السبراني، فالأنباء التي يتحدث عنها الإعلام الغربي تشير إلى أن الهجمات الإلكترونية ألحقت أضراراً فادحة، البعض يتحدث أن تلك الأضرار ربما تحتاج إلى أكثر من عامين حتى يتم استئناف البرنامج من نفس النقطة التي كان عندها قبل الهجمات. يبدو أن النظام الإيراني ليس لديه سوى القول بأنه سوف يرد في الزمان والمكان المناسبين، بالمناسبة أين سمعنا تلك الجملة؟