-A +A
حمود أبو طالب
أثارت قضية سعد الجبري فضولي لإعادة مشاهدة بعض الحوارات مع رموز الفكر الإخواني في المملكة خلال فترة سابقة، وتحديداً بعد تولي الملك سلمان -حفظه الله- مقاليد الحكم والتغييرات الجذرية التي أحدثها على الصعيد السياسي والتنظيمي وهيكلة الدولة وتحديد مواقف المملكة من القضايا البارزة آنذاك، محلياً واقليمياً ودولياً. في أحد تلك الحوارات مع شخص يعتبر من صقور التنظيم، أو عرّاب الإخوان في المملكة، تأكد لي كم كانت تقديراتهم ساذجة للكيفية التي تدار بها المملكة، وكم كان تذاكيهم أخرق في مخاطبة أصحاب القرار لتمرير أجندتهم المسمومة تحت غطاء الحرص على الوطن بالمطالبة بإصلاحات سياسية من منظورهم الخاص لهذا المفهوم.

كان توقيت الحوار بعد الصدمة الكبيرة التي مني بها التنظيم في مصر وتهاوى على إثرها الحلم بنقل التجربة إلى المملكة، ولما كانت المملكة في عهد الملك عبدالله -رحمه الله- الدولة التي ساندت مصر بكل قوة ودعمت خيارها للتخلص من وباء حكم الإخوان فقد حاول ذلك العرّاب في حواره أن ينتقد ذلك الموقف من المملكة، وأن عليها الآن أن تتصالح مع كل الأطياف، وهو يعني بالطبع طيف الإخوان لا غير، بل إنه حاول الإيحاء للمشاهد بأن لديه معلومات بأن المملكة في المرحلة الجديدة تنوي المضي في هذا الاتجاه.


هذه هي الطفولة السياسية بعينها، والبلادة في فهم فلسفة مؤسسة الحكم في المملكة، وثوابتها المشتركة في كل المراحل، بل هو التهور في محاولة الإيحاء بشيء من التأثير على القرارات السيادية وكأن الدولة تخشى تنظيمهم أو مضطرة لمجاملته على أقل تقدير. كان لديهم وهم السيطرة الشعبية الطاغية التي يمكن أن تجعل لطرحهم تأثيراً مؤكداً. لكن الذي حدث هو العكس تماماً فقد اجتاحتهم سريعاً عاصفة الملك سلمان وولي العهد محمد بن سلمان التي كشفت مؤامراتهم وخزيهم وأزالت الأقنعة التي ساعدتهم على التلون والتمثيل والخداع.

وبأثر رجعي حاولت استخلاص نتيجة من حوار ذلك الشخص فإذا هي مشروع أممي إخواني مركزه المملكة، أما النتيجة الثانية فهي تأكيد جهلهم بكيفية إدارة مؤسسة الحكم للوطن، والأبجديات التي تلقاها حكامنا في مدرسة الموحد الملك عبدالعزيز -رحمه الله- لكيفية حماية الوطن من أي عبث خارجي أو داخلي.