-A +A
منى المالكي
وابتدا المشوار وبدأت الخطوات الأولى تعود للحياة الطبيعية دون الدخول مع الساعة في سباق حتى لا ننهزم أمام سيف الوقت!

رفع منع التجول لا يعني أبداً أننا كسبنا المعركة ضد كورونا الفايروس المتربص بنا على كل سطح نلامسه مع كل يد تمتد إلينا، نخاف ذلك الإحساس الشفيف في تقبيل أيدي أمهاتنا في لثم جباه آبائنا في عناق صغارنا خوفاً عليهم إنها كورونا الظالمة!


حرمنا من تفاصيل صغيرة كنا نشعر تجاهها بالملل لم نكن نعلم أن الجلوس فقط أمام البحر منتهى المنى، وقفنا عاجزين أمام تفسير قوة هذا الشيء المتناهي في الصغر الذي لا نراه مطلقا لكنه استطاع جعل كل ما نتمناه أن نعود ولو دقائق لحياة كنا نراها مملة!

الكمامة والمعقم والحرص على التباعد الاجتماعي مع الاحتفاظ بصحة نفسية جيدة متناقضات جمعتها كورونا وألقت بها في وجوهنا وهي ضاحكة، كنا نخرج لنستنشق الهواء فأبى علينا ذلك الفايروس المتلون إلا أن يدخلنا في متاهة من الثنائيات المتضادة ليؤكد وللمرة المليون أننا عاجزون أمام جبروته!

بدأت العودة للحياة الطبيعية ولكنها فرحة ناقصة فما زلنا خاسرين في معركتنا للبقاء على أرضنا التي حمل فضاؤها ملايين الأقمار الصناعية والتي بلغت الحضارة فيها ما لم تبلغه حضارة سابقة فخرجنا بزهو مدججين بأجهزتنا الذكية والكمامة على وجوهنا لنعلن المواجهة الحذرة وعن هزيمة ساحقة ستأتي متأخرة أمام فايروس نرى آثاره ولا نراه، فمن المنتصر حتى الآن على الأقل؟

هل كانت معركتنا مع كورونا جرس إنذار لنستيقظ على عجزنا الذي نسيناه وظلمنا لهذه الأرض التي مارسنا فوق سطحها شتى أنواع الظلم من حروب وهدر لمواردها بل واستنزاف لكل خير تعطينا إياه لنحوله حربة غادرة في عين الطبيعة، أم ستكون هذه العودة فرصة لنتصالح مع بيئتنا مع بعضنا، لست متفائلة كثيراً ولكنها البداية التي تأتي جميلة دائما، البداية التي قال عنها درويش ذات يوم «لا أريد من الحب غير البداية» فهل ستكون بدايتنا وعودتنا لتفاصيلنا الأثيرة بداية للدهشة فقط ثم نتعود عليها فتضيع منا تفاصيلنا مرة أخرى ونرجع في دائرة العزلة؟!

كاتبة سعودية

monaalmaliki@