-A +A
عبداللطيف الضويحي
القانون الدولي مرجعية مهمة لأطراف النزاع الذين يحترمونه كلهم، أما إذا كان أحد أطراف النزاع لا يكترث ولا يأبه بالقانون الدولي ويضرب به عرض الحائط، فإن الطرف الآخر سيدفع الثمن باهظاً إذا ظل يتشبث بالقانون الدولي، بل إن هذا التشبث يشجع ويغري الدول المعتدية للتمادي والمضي قدماً في انتهاكاتها لحدود ومصالح ومناطق نفوذ الدول المنصاعة للقانون الدولي والشرعية الدولية.

تتعرض دول عربية لغزو واستعمار ممنهج غير مسبوق ينتهك السيادة والأمن الوطني والأمن القومي العربي من أطراف وقوى إقليمية ودولية. هذه التحديات ليست جديدة، لكن خطورتها اليوم تتمثل بالتنسيق الواضح بين القوى الإقليمية التي تناصب العرب العداء والكراهية.


ليس صدفة أن يتزامن انتهاك تركيا للسيادة العراقية في عملية أسمتها مخلب النمر بالتزامن مع انتهاك إيران لسيادة العراق في اليوم نفسه في قصفهما لشمال العراق! وليس صدفة أن يتزامن افتعال إثيوبيا مشكلة حدودية مع السودان في الوقت الذي تجري فيه المفاوضات بين دول حوض النيل لتعلن بعدها إثيوبيا أنها غير معنية بالمفاوضات وأنها ماضية بملء سد النهضة بدون اتفاق!

وليس صدفة أن يتزامن تنكر إثيوبيا للمفاوضات مع مصر والسودان بشأن سد النهضة وتضرب بها عرض الحائط، في الوقت الذي تشاغل فيه تركيا مصر على حدودها الغربية من خلال احتلالها لمناطق من ليبيا ودعمها لحكومة الوفاق.

وليس صدفة أن يتزامن بدء تركيا تشغيل سد إيلسو والذي يهدد العراق بالجفاف والعطش جراء خسارته لحصته من المياه، في الوقت الذي يشهد فيه العراق جملة من الأزمات يتصدرها صراع النفوذ الإيراني الأمريكي على كل شبر في العراق.

وليس صدفة أن تتزامن العاصفة السياسية التي تواجهها تونس، في الوقت الذي يجثم فيه المحتل التركي على الجارة ليبيا.

ولا يمكن أن يكون من باب الصدفة أن يتزامن كل ما سبق، مع تلويح إسرائيل بضمها للضفة الغربية وهضبة الجولان ضمن ما بات يعرف بصفقة القرن.

فهل اتفق جيران العرب من الأتراك والإسرائيليين والإيرانيين والإثيوبيين على توريث سايكس بيكو وإعادة احتلاله استحضاراًَ لمراحل من التاريخ السابق للاحتلال الغربي وذلك استغلالاً لحالة الوهن والضعف العربي؟ أم هو شغل الفراغ الكبير الذي كانت تشغله دول مثل العراق وسوريا؟ أم أنه استباق لشغل الفراغ الذي سيخلفه الانسحاب الأمريكي المتوقع من المنطقة والذي صرح به الأمريكيون أكثر من مرة؟

ومهما تكن الأسباب، هناك حد أدنى من التضامن العربي يجب أن يتوفر في هذه المرحلة، وهناك حاجة إستراتيجية لإحياء وتفعيل نظام الأمن القومي العربي، لأن الخطر أصبح يستهدف الوجود العربي والهوية العربية في كل الدول العربية، ولأن الأحداث والمواقف اليومية تبرهن على أن هناك تنسيقاً واضحاً للعيان بين جيران العرب الأربعة ضد كل ما هو عربي.

على دولنا العربية وعلى جامعة الدول العربية أن تدرك أن القانون الدولي ليس موجوداً وليس مرجعية إلا في الذهنية العربية التقليدية وأن القانون الدولي في أحسن الحالات يعيش أسوأ حالاته، ولم يعد يكترث له أو يأبه به أحد. وعلى دولنا العربية أن تعرف أن القرارات الصحيحة لا تكون صائبة إلا إذا اتخذت في وقتها المناسب.

كاتب سعودي

Dwaihi@agfund.org