-A +A
رامي الخليفة العلي
جلس الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على أريكته الوثيرة في مقابلة مع إحدى القنوات التلفزيونية التركية يحمل مؤشراً وفي صدر المشهد شاشة كبيرة عليها خارطة ليبيا، وفي لغة استعمارية ترغب بالسيطرة على ثروات الآخرين بدأ الرئيس التركي يشرح كيف تقدم مرتزقته والميليشيات التابعة لحكومة الوفاق التابعة له لتقترب من آبار النفط وحقول الغاز. بدا المشهد صادماً لأي شخص باستثناء التبع الذين ارتضوا أن يكونوا ذيولاً وأدوات يستخدمها العصملي للوصول إلى تصورات بعيدة عن الواقع. نرجسية الرئيس التركي وتضخم الذات الذي يشعر به جعلنا نرى في الصورة فائضاً من القوة يحتار صاحبها أين يلقيها، وإذا عدنا تاريخياً وعلى مستويات متعددة فإن فائض القوة يجر على صاحبه وعلى دولته مآلات لا تحمد عقباها. فائض القوة عند هتلر أوصله إلى الانتحار وإلى تدمير بلاده في الحرب العالمية الثانية، ونفس فائض القوة هذا قوض قوة العراق وقضى على ثغر من ثغور العالم العربي عندما قام باحتلال الكويت، والأمثلة أكثر من تعد أو تحصى.

منذ المحاولة الانقلابية الفاشلة تحول النظام التركي إلى ثور هائج في الداخل والخارج، على صعيد الداخل بدأ بالسيطرة على البلاد أمنياً وعمد إلى اعتقال المناوئين له وزادت بشكل غير مسبوق قائمة الممنوعات، وامتلأت السجون التركية بالمعارضين للنظام الحالي، التهم جاهزة ومعلبة، الانتماء إلى جماعة فتح الله غولن أو تأييد حزب العمال الكردستاني أو مجرد توجيه النقد للرئيس التركي وعائلته، وانضمت إلى تلك القائمة تهمة جديدة وهي انتقاد السياسة التركية في ليبيا والتي بسببها تم اعتقال الصحفية ميسر يلدز، حيث وجه للأخيرة تهمة التجسس ثم تم تغيير التهمة إلى إفشاء أسرار الدولة المتعلقة بليبيا. أما على الصعيد الخارجي فمنذ ذلك الحين بدأ العصملي النظر إلى الدول العربية على اعتبارها جوائز ترضية يتقاسمها على الروس حيناً ومع الإيرانيين حيناً آخر وفي أحيان ثالثة يريد الاستئثار بالجائزة لنفسه. في سوريا عمد إلى دفع المعارضة إلى الاستسلام تحت ما يسمى مفاوضات استانة بمقابل الحصول على كعكته من الخارطة السورية، تفاوض أردوغان مع موسكو وطهران لتقاسم النفوذ والسيطرة على سوريا، واستخدم (المعارضة متى سيتوقف الثور التركي عن السورية الهزيلة) بيادق رخيصة في لعبة التفاهمات الاستعمارية. ثم استأثر بالنفوذ في الصومال ويرفض أي وجود عربي هناك فراح يحارب شركة موانئ دبي لكي تكون تلك البلاد خالصة له. وفي ليبيا راح يرسل مرتزقته لمساندة الميليشيات الإرهابية ولكي يجعل من هذا البلد قاعدة للانطلاق لبلاد أخرى يفرض فيها سيطرته ونفوذه. الدول العربية مهددة في أمنها القومي وليس من الصعب أن يجد أردوغان أحمد طعمة أو راشد الغنوشي أو فايز السراج ويستخدمهم كحصان طروادة. لذلك فإن الثلة التي تقاتل الاحتلال التركي في ليبيا لا تدافع عن هذا البلد وحسب بل تدافع عن بلاد العرب برمتها. حذار... حذار.... فإن سقطت ليبيا بيد أردوغان فعلى الجميع أن يتحسس رأسه.


باحث سياسي

ramialkhalife@