-A +A
أريج الجهني
تجاوزت مبيعات كتب الأطفال الثلاثة مليار جنيه إسترليني في بريطانيا حسب تقرير منشور في موقع الـ(بي بي سي)، وأوضح التقرير أن هناك ارتفاعاً سنوياً يتجاوز الـ16% لمبيعات كتب الأطفال، كما سيطرت كتب الأطفال على موقع (أمازون)، حيث شهدت ارتفاعاً قياسياً في ظل الحجر المنزلي، مهم الإشارة إلى أن هذه الكتب باللغة الأجنبية فما نصيب الطفل العربي الناطق بالعربية؟ حيث بالتأكيد أنني أعتبر تحدث أطفالي باللغة الإنجليزية ساعد في امتلاكهم كماً معرفياً مضاعفاً لجودة الكتب الموجهة باللغة الإنجليزية ومهنيتها، بل المدرسة البريطانية مثلاً لا تعتمد الكتب المنهجية تكتفي بالكتاب الترفيهي وتمنح الأطفال فرصة الاستعارة المنزلية بشكل يومي لقراءة قصة ما قبل النوم، فالطفل منذ دخوله للحضانة والروضة ووصولاً للمدرسة والكتاب بين يديه وتحت متناوله بل داخل كل صف تجد صناديق من الكتب اللطيفة والجذابة والمصنفة حسب الفئات العمرية وحسب المستوى اللغوي بحيث يتدرج طفلك بسلاسة وتخبرك المعلمة عن تطور طفلك، نعم القراءة هناك شيء جاد وليست (مشروعاً تجارياً) و(اجتهادات مرعبة وكارثية).

في الأسبوع الماضي وصلني على البريد الخاص محتوى كتاب تعمدت عدم نشر محتواه، وصدقاً لست مهتمة بالشخص الذي أنتجه ولا الجهة بقدر ما أنا مهتمة بكيف تم تمرير كتاب يحتوي على صور فيها إيحاءات جنسية مرعبة ومخيفة، وتسببت لي ولأستاذة الطفولة البروفيسورة سارة العبدالكريم بحالة من القلق والنقاش حول من فسح هذا الكتاب؟ بل السؤال مباشر لمكتب تحقيق الرؤية هل لديكم علم بوجود شعار الرؤية على هذا الهراء؟ المشاهد تحتوي على صور لرجل يلامس الطفل من مناطق محظورة وصورة أخرى لرجل يكشف الغطاء عن الطفل في سريره!!! ما هذا الرعب وكأن التحرش بالطفل هو الأساس وكأن اغتصاب الطفل واقع لا محالة! والأخطر ماذا لو شخص قذر أو سايكوباثي جعل الطفل يشاهد هذا المنظر وأمره بالتطبيق؟، شيء مرعب أليس كذلك؟.


وزارة الإعلام بعيدة عن المشهد كأم ومربية فاقدة الأمل تماماً في هذه الوزارة، التي لا تمتلك قناة مهنية واحدة للأطفال!، كيف مر هذا الكتاب وكيف لم تنتفض فرائص المدقق هذا في حال أنه تم فسحه؟ لأنني أشك في هذا الأمر وإن ثبت فيجب فتح تحقيق عاجل، بالتأكيد يحسب لحقوق الإنسان سرعة تفاعلها مع هذه القضية التي جعلت الآباء والأمهات في حالة قلق، حيث جاء تصريح عاجل من معالي رئيس هيئة حقوق الإنسان عواد العواد في تغريدة نشرت الأربعاء الثالث من يونيو «اطلعت على محتوى منشور في بعض مواقع التواصل الاجتماعي، ينتهك حقوق الأطفال ويعرّض حياتهم وسلوكياتهم للخطر، وقامت الهيئة باتخاذ تدابير سريعة ضد المحتوى المنشور بالتنسيق مع جهات الاختصاص، واختتم التغريدة بعبارة مهمة حماية حقوق الطفل مسؤوليتنا جميعاً»، تصريح رائع ويعكس التحول النوعي في الخطابات المجتمعية التي تجعل الطفل محور نهضتها وهو أمر جدير بالتقدير.

صدقاً نحن لا تنقصنا العقول ولا الخبرات ولدينا الكثير من الباحثين الاجتماعيين والنفسيين وخبراء الطفولة لماذا نجعل محتوى الطفل في مهب الريح! هذا الطفل هو عماد الوطن واستوصوا بالطفولة خيراً وتسامحوا في كل شيء إلا في ما يمس براءتهم ومشاعرهم، وقلوبهم الصغيرة، لعل هذه فرصة لغربلة دور النشر السعودية وإعادة جرد عناوينها وملفاتها والقائمين عليها وأجنداتهم، ونسبة الاختراق الفكري فيها لتكون ذا إنتاج ثقافي جدير بالامتلاك، ولعل الجهات الحكومية التي تعنى بشأن الطفل تصبح أكثر صرامة في ما يقدم للأطفال، حفظ الله أطفالنا وأطفالكم وسخر لهم العقول والأرواح الطاهرة.

كاتبة سعودية

areejaljahani@gmail.com