-A +A
هاني الظاهري
للوهلة الأولى قد يعتقد البعض أن مسمى «أدب غرف النوم» يشير إلى النصوص الأدبية ذات المحتوى المخصص للبالغين، وهذا غير صحيح على الإطلاق، فلهذا المسمى خلفية تاريخية عريقة في الثقافة الفرنسية، إذ نشأ في القرن السابع عشر حين كانت النصوص واللقاءات الأدبية تُنسب إلى الأماكن التي ولدت فيها، كـ«أدب الصالونات» على سبيل المثال الذي يشتق مسماه من كلمة «سالا» الإيطالية، لكنه أخذ بعده الثقافي في فرنسا لأول مرة عام 1664م، فـ«الصالون» بمعناه الأساسي هو قاعة الاستقبال الكبيرة في المنزل، ولأن المثقفين والنخب في فرنسا اعتادوا على إحياء اللقاءات الأدبية في الصالونات سمي نتاج تلك اللقاءات بـ«أدب الصالونات».

أما «أدب غرف النوم» فله حكاية أخرى، إذ يُطلق عليه بالفرنسية مسمى «رويل» وهو مصطلح يعني المسافة الفاصلة بين السرير وجدار غرفة النوم، فما الذي كان يحدث في هذه المساحة خلال القرن السابع عشر بظنكم؟!


تشير المصادر الأدبية الفرنسية إلى أن منشأ التسمية يعود إلى الملك لويس الرابع عشر الذي كان يقيم لقاءات أدبية في غرفة نومه وهو مستلق على السرير، فيما تكتظ المساحة بين سريره وجدار الغرفة بالكراسي التي يجلس عليها الأدباء والمثقفون وترعى اللقاء في الغالب سيدات رفيعات التعليم.

اليوم ونحن في زمن كورونا والحجر المنزلي تبدو فكرة إحياء «أدب غرف النوم» فكرة سديدة جداً.. لدينا فرصة ذهبية لتكتشف كل أسرة مواهب أفرادها الأدبية، ولدى الأدباء والمثقفين فرصة للخروج من النمطية وإحياء لقاءات أدبية افتراضية عبر الأجهزة الذكية وهم مستلقون على السرر في غرف نومهم، حيث يعيش كل واحد منهم دور لويس الرابع عشر بـ«سلطنة» ومزاج عالٍ دون أي منغصات.

الأهم من ذلك كله أن تسارع المؤسسات الإعلامية والثقافية والأدبية لعقد لقاءات وندوات وأمسيات إبداعية افتراضية تستضيف أهل الثقافة والأدب والفن من غرف نومهم، وأنا أدعو هنا الزملاء في عكاظ التي تحمل اسم أعظم أسواق العرب قديماً للفوز بقصب السبق وعقد أول مهرجان أدبي إبداعي يجمع أهم وأشهر أدباء الخليج تحت الحجر، ومن ثم بثه عبر منصاتها، فبهذا نكون قد حولنا جائحة كورونا إلى دافع للحياة والإبداع ووثقنا جانباً من أدب هذه المرحلة الطارئة والاستثنائية في تاريخ البشرية.

* كاتب سعودي

Hani_DH@