-A +A
حمود أبو طالب
كان خبراً صادماً ذلك الذي أعلنته هيئة الرقابة ومكافحة الفساد أمس الأول بخصوص جرائم استغلال نفوذ وظيفي ورشاوى لاستغلال عقود وزارة الصحة لإسكان المواطنين العائدين من الخارج لقضاء فترة الحجر الصحي قام بها موظفان قياديان في وزارة الصحة وآخر في وزارة السياحة، ومرجع الصدمة لكون هذه الجرائم حدثت في ظروف وطنية وإنسانية حرجة وطارئة وحساسة، والذين ارتكبوها قياديون مؤتمنون بيدهم قرار التصرف في المال العام من أجل صحة وسلامة المجتمع.

ومن باب العلم بالشيء فإنه في مثل هذه الظروف الطارئة تمنح الأنظمة قدراً كبيراً من المرونة في اتخاذ القرارات المالية تفادياً للتأخير الذي يسببه المسار الروتيني، وتعطى صلاحيات أكثر للقياديين في اتخاذ ما يرونه مناسباً وفق تقديرهم للأوضاع، لكن هذه الاستثناءات تشكل فرصة ذهبية سانحة لمن نخر الفساد ضمائرهم لاستغلالها بأبشع وأقذر شكل، ويحدث هذا في كل بيئة وظيفية في أي دولة في العالم؛ لأن الفساد موجود طالما البشرية موجودة، لكنه مؤلم جداً أنه حتى الجوائح الصحية وشبح الموت لم يجعل الفاسدين يؤجلون ممارسة خستهم ودناءتهم وخيانتهم إلى وقت لاحق.


وعلى خلفية هذه الحادثة، نقول لهيئة الرقابة ومكافحة الفساد شكراً ليقظتها التي باغتت هذه العصابة، ونأمل أن تكثف عملها خلال هذه الفترة بالذات لإسقاط خفافيش الفساد في كل مكان. ونقول للمجتمع إن هذه النماذج الشاذة لن تؤثر على ثقتنا في المسؤولين الوطنيين الشرفاء المخلصين الذين يخدمون المجتمع بأقصى معايير الكفاءة والنزاهة، وهذه العصابة الشاذة لا تمثل إلا نفايات المسؤولية والإنسانية.

وفي مثل هذا الظرف الاستثنائي الذي يقف فيه الوطن بأكمله وتسخر الدولة كل مواردها وإمكاناتها من أجل تجاوزه، نحتاج إلى معاملة استثنائية للفاسدين الذين يستغلونه، فما حدث تعتبره كثير من الدول خيانة عظمى وجريمة لا تغتفر خلال الكوارث التي تهدد أوطانها، وهذا ما نأمل تطبيقه على هذه الفايروسات التي تعتاش من وراء الفايروس الذي دخلنا معه في حرب ضروس، لكنها تضامنت معه علينا.

habutalib@hotmail.com