-A +A
منى المالكي
الأمسية الفنية المدهشة التي نظمتها وزارة الثقافة على منصة انستغرام الأسبوع الفائت للفنانين: عبدالمجيد عبدالله وماجد المهندس، فكرة ذكية ومشاركة رائعة لكسر حاجز العزلة المفروضة علينا نتيجة الجائحة، مثل هذه الفعاليات التي تقوم عليها وزارة الثقافة خطوة أولى في استقطاب شبابنا لمتابعة الفن الجاد، كما أن وزارة الثقافة هي المعنية الأولى لتقف في وجه طوفان مشاهير التفاهة الذين عانينا منهم ومازلنا، وزارة الثقافة هي القلعة الحصينة التي تستطيع بناء سدود أمام سونامي مشاهير الفلس، أمام طغيان جشعهم والمضي بأحلامنا مع أجيالنا إلى بر الأمان.

هذا ما فكرت به وأنا أشاهد الأعداد الهائلة لحضور الأمسية الأولى التي تنظمها الثقافة والتي بلغت (146) ألفاً حتى وإن كان هذا العدد لا يقارن بأعداد المتابعين لهؤلاء الحمقى ولكن نستطيع توجيه الأنظار إلى مثل هذه المشاركات وتنوعها على منصات وزارة الثقافة المتعددة واختيار نماذج جيدة لتقديمها في شتى فروع الترفيه، ولا أخجل مثلاً أمام أولادي من مشاركتهم المشاهدة، ولنا في مسرح «ستاند أب كوميدي» خير مثال من تداول لنكات سمجة أو مغرضة في أكثرها، هذا المسرح مثلا! سينضوي تحت هيئة المسرح والفنون الأدائية عندها سنجتمع لنشاهد مسرحاً يجمع بين الارتقاء بذائقة أبنائنا والمتعة والمرح.


وزارة الثقافة بكادرها المميز وميزانيتها الكبيرة، وبتوقيعها لشراكات مهمة أفضل من يتولى هذه المهمة وأزعم أن أهم هذه الشراكات كانت مع وزارة التعليم، المنصة الأولى لانطلاق الشاب أو الفتاة لعالم أكثر اتساعاً.

لماذا لا نستثمر هذه الشراكات أكثر؟ لماذا لا نوزع استمارات من المرحلة الابتدائية لاستطلاع آراء طلاب وطالبات هذه المرحلة المهمة ولنسألهم ونسألهن: عن أسباب متابعاتهم المليونية للمشاهير؟ ما هو المحتوى الذي تودون متابعته على السناب شات أو الانستغرام ؟ لماذا تنشر مقطع على التيك توك أي مقطع لمجرد أن تصبح مشهوراً؟ وغيرها من الأسئلة التي توصلنا لفهم تفكير هذا الجيل القادم وبقوة.

أعلم أن الأغلبية سوف يذهب في اتجاه أن تسفه مثل هذه الاستبيانات أو حتى التقليل من شأن إجابات هؤلاء الأطفال وبأنهم مغرمون بالضحك و«الطقطقة» فقط ! نعم أعلم ذلك ولكن أتعلمون لماذا يذهب أبناؤنا لمتابعة من يضحكهم فقط؟ لأنهم لم يجدوا البديل، تركناهم في مواجهة هذا التسونامي لوحدهم فالتقطهم مشاهير التفاهة وحمقى السوشال ميديا ليعبروا بهم لوحدهم عوالم مفتوحة على كل غث وسمين، وللأسف الغث يغلب ولنراهم وهم على حافة الهاوية مع من له أجندة خاصة ضد الوطن أو من همه المال فقط فينزل لمرحاض أو من يعرض حياة أبنائه الصغار تجارة للمعلن ولمن يدفع أكثر !

لماذا لا تقوم وزارة الثقافة وهناك أعداد كبيرة من الكتاب والمبدعين والمبدعات من منسوبي وزارة التعليم والإعلام ومنهم مؤثرون وأعداد متابعاتهم كبيرة، فتتعاقد معهم وترسل من خلالهم محتوى ثقافياً يراعي قيمنا وأخلاقياتنا ويغرس الانتماء والمواطنة بأسلوب يفهمه هذا الجيل وأسلوب محبب لا يثقل عليهم ويجعل الثقافة لنخبة فقط ثقيلة دم وطينة! كما يسوق لذلك كل من «يتباهى بجهله»!

* كاتبة سعودية

monaalmaliki@