-A +A
ريهام زامكه
لا شك أن الكتابة في زمن الكورونا أمر مُنهك وصعب، خصوصاً إذا أردت البُعد عنه وعن أخباره، وخط سيره، وبلاويه، حتى تأخذ بيد القارئ وعقله دون أن تلمسهما إلى بر الأمان.

ومع ذلك؛ ما زلت أحاول أن أتكئ على قلمي وأمسك بيد واحدة من بنات أفكاري عل وعسى أن تساعدني في أن أكون كاتبة جادة ولو لمرة واحدة في حياتي، ويعود عليكم من مقالاتي التي لا تسمن ولا تغني من جوع ولو بقليلٍ من الفُتات العِلمي.


لذا اسمحوا لي أن أتقدم وأطلب أيديكم الكريمة، عفواً آخذ بأيديكم الكريمة أولاً، هل تعلمون ما هو الفرق بين العُزلة والوحدة؟ باعتبار أننا نعيش حالة استثنائية هذه الأيام بسبب العزل الصحي.

يا إلهي؛ لمحت في البداية إلى أنني لا أريد الخوض في سيرة سيئ الذكر كورونا اللعين، حسناً..

بحسب ما جاء في الدراسات العِلمية هُناك فوائد عديدة للعُزلة، وبالطبع فإن الفرق بينها وبين الوحدة شاسع، حيث تشير العزلة إلى السعادة كون الشخص يعتزل ما حوله ويختلي بنفسه ويُمارس معها وعليها طقوسه التي يفضل ويحب.

ومن إحدى الفوائد المهمة للعُزلة تحسين الإبداع لدى الشخص وإخراج أفضل ما لديه، وصدقوني هذه ليست دراسة من جيبي (أهايط) بها عليكم، بل هي دراسة علمية شاملة لعالم (نسيت اسمه) ولكنه يقول إن الإبداع يحتاج إلى الانعزال والتفكير العميق كما أفعل أنا الآن.

وهناك فائدة أخرى عظيمة ومُلهمة أسميتها (أم الفوائد) وهي دراسة عِلمية أجريتها قبل قليل، وهي مراجعة الإنسان لحساباته، وتصرفاته، وعلاقاته، وحسناته، وسيئاته، فالعُزلة تساعد على الصفاء الذهني، وحينما يصفو الذهن من جميع (البلاوي) العالقة فيه تُصبح الرؤى واضحة وسهلة، وبذلك يسهل عليه تصفية حساباته مع نفسه والآخرين.

وأيضاً هناك فائدة لا يمكننا غض النظر عنها على الإطلاق، وهي تجربة السجن وتقييد الحرية، ولا شيء أصعب ولا أقسى من مصادرة حرية الفرد و(تكتيفه) رغماً عنه.

ولكن ربَ ضارةٍ نافعة، فرغم هذا البلاء المنتشر إلا أن هذا الوضع ساعدنا كثيراً على تذكر النعم، وحمد الله عليها، ومعرفة قيمة الأيام العادية التي كُنا نعيشها، وتقويم تصرفاتنا والبعد عن العيث في الأرض فساداً من أجل الحرية والحياة.

وبعد هذه الخطبة العِلمية العصماء، اسمحوا لي أن آخذ بعقولكم النيرة وأذكركم ونفسي بضرورة البقاء في منازلكم، وعدم الخروج منها إلا للضرورة القصوى، ففايروس كورونا الذي شتت العالم وفرقه وأودى بجماله واقتصاده ليس كائناً ليلياً لا يصيب الشخص ويتربصه إلا في الليل ويختفي في النهار.

لذا يا عزيزي القارئ المُتهاون؛ اسمح لي قبل أن أودعك أن أذكرك، إذا لم تستخدم عقلك وتعتني به وتحتفي به وتجلس وإياه في منزلك العامر، ربما سيخرج من عناية الله إلى لا حول ولا قوة إلا بالله.

اللهم بلغت.

* كاتبة سعودية

Rehamzamkah@yahoo.com