-A +A
حمود أبو طالب
سوف تبقى بعض الصور والمشاهد خلال أزمة كورونا ماثلة في الذاكرة الوطنية وغير قابلة للتلاشي. دائماً هناك جانب ايجابي للأزمات لأنها تكشف عن حقائق لا تستطيع أوقات أخرى كشفها بذات الصدق والوضوح والشفافية والتجلي، وقد أشرنا في مقال سابق الى أن الشعب السعودي يكاد يكون اكتشف نفسه بشكل مختلف خلال هذه الأزمة، اكتشف أبعاداً جديدة مدهشة في علاقته بوطنه ودولته، وكذلك هو الحال بالنسبة للدولة التي اكتشفت المزيد من الأدلة الناصعة على إخلاص المواطن وولائه وانتمائه.

مع بداية عودة المواطنين العالقين في بعض دول العالم بدأت تتدفق صور ومقاطع استثنائية في وطنيتها وإنسانيتها، تعبر عن مشاعر حميمة تلقائية صادقة تدفقت بعفوية من الألسن والعيون. كثيرة هي تلك المشاعر التي عبر عنها كل عائد، مستذكراً العناية الفائقة والرعاية الرائعة التي حظي بها من قبل حكومة المملكة في الدولة التي قدم منها حتى لحظة وصوله، ولكن هل لنا أن ننسى ذلك الشيخ الذي أجهش بالبكاء بعد وصوله مطار الرياض مؤكداً أن أول شيء سيفعله هو تقبيل تراب الوطن، وبالتأكيد هناك كثيرون غيره كانت لهم ذات المشاعر وذات الرغبة. وهل يمكننا أن ننسى صور الأطفال وهم يلوحون بالجواز السعودي عند وصولهم والابتسامات تعلو ملامحهم البريئة وكأنهم دلفوا بوابة مهرجان للفرح والبهجة.


إنها مشاعر سعودية خاصة لم نشاهدها في دول أخرى رغم بديهية حب كل إنسان لوطنه، أطلقتها طبيعة التعامل الذي لمسه المواطن من دولته التي أثبتت له أنه موجود في ضميرها، في الحل والترحال، في الحضر وفي السفر، في الرخاء وفي الشدة، ومن أجله يرخص الغالي وتصبح كل الاعتبارات الأخرى ثانوية وهو الأساس.

وللأوطان في دم كل حُرٍّ

يدٌ سلفت ودينٌ مستحق

habutalib@hotmail.com