-A +A
محمد الساعد
منذ انقلاب حمد بن خليفة على والده الشيخ خليفة بن حمد العام 1995، وحمد لا ينفك عن محاولاته المستميتة للخروج من مأزق الدولة الصغيرة جدّاً التي لا يعتد بها في العالم، واضعاً عينه صوب الرياض، متمنياً أن يكون هو من يحكمها لا آل سعود، فقطر في نهاية الأمر ليست سوى نتوء ترابي وأنبوب غاز ومستوطنة صغيرة.

حمد الذي نجح في انقلابه على والده توقع أنه قادر على الانقلاب على الرياض والمنامة والقاهرة ودمشق، وبناء إمبراطوريته الخاصة، غير مدرك ضآلة حجمه وتأثيره في المنطقة والعالم، وأنه أقرب ما يكون إلى ثري يملك سيارات رياضية ويخوتا وطائرات يتملقه المرتزقة في وجهه ويتندرون عليه بعدما يغادرون.


حلم «حمد بن خليفة» الذي أرّقه حتى ذوى وذبل وأصبح مجرد «خيال رجل» هو.. متى يستيقظ فلا يجد الرياض أمامه تتوسد الجزيرة العربية، فمنذ انقلابه المشؤوم، التحق حمد بمن يسمون أنفسهم المعارضة السعودية في لندن، وأصبح واحداً منهم، وكأنه مجرد هارب يعيش في شقق وشوارع لندن.

لم يتصور «حمد بن خليفة» نفسه حاكماً حقيقياً، فكما كانت قطر مجرد دولة ظل في الخليج، بقي حمد مجرد حاكم ظل يطارد الرياض ويلاحقها نفساً بنفس وخطوة بخطوة.

منذ العام 1995 وحمد بن خليفة يحاول بناء معارضة سعودية مقرها لندن للانقلاب على الرياض، لكن المثل يقول «الفاشلون يجذبون الفاشلين»، وهذا ما حققه فكل من دعمهم مجرد «تشوهات» حركية.

خلال خمسة وعشرين عاماً فعل حمد كل شيء لإيذاء الرياض..

تحالف مع كل عدو وصاحب كل مخالف وتبنى كل ساقط وروّج عبر قناته الجزيرة لكل الأخبار السيئة والمزيفة، إلاّ أنه اصطدم دائماً بإهمال السعوديين له ولمن تبناهم، ولم يصدق لليوم أن كل ما فعله بلا تأُثير حقيقي في الشارع السعودي.

منذ العام 2001 وبعد فشله في إحداث صدام بين واشنطن والرياض إثر أحداث 11 سبتمبر، تبنى استراتيجية جديدة قامت على المواجهة العسكرية مع الرياض عبر مقاولين من الباطن..

فدعم أسامة بن لادن وشجعه للقيام بعمليات قتالية في شوارع المملكة، وبالفعل بدأت القاعدة بتهريب الأسلحة والأفراد عبر قطر لتنفيذ أعمالها الإرهابية، لقد قُدر ما أنفقته قطر لدعم تنظيم القاعدة في السعودية خلال الأعوام 2003 - 2005 بأكثر من 12 مليار ريال.

تبنى حمد بن خليفة وحمد بن جاسم قادة القاعدة فأدخلا خالد حاج والمجاطي وعبدالعزيز المقرن إلى أراضي المملكة بجوازات سفر قطرية، وتبنت الجزيرة تغطية أعمالهم والتستر عليها، لقد تحولت القناة إلى ظهير إعلامي لمليشيا إرهابية، ومكتبة الجزيرة لا تزال مليئة بلقاءات سعد الفقيه والمسعري وعبدالله النفيسي يبررون العمليات ويصفونها بالجهادية.

لم يكتفِ حمد بن خليفة والنظام القطري من ورائه بدعم الإرهاب في شوارع المدن السعودية، بل أقنع القذافي للقيام بعملية مشتركة لاغتيال «الأمير عبدالله» ولي العهد السعودي، الملك لاحقاً.

العملية التي قادتها المخابرات القطرية والليبية ومولها حمد بن خليفة وساعد في تنفيذها سعد الفقيه والمسعري اختير لها مكة المكرمة دون رادع من دين ولا خُلق، وهدفت لإحداث اضطراب في النظام السعودي والانقلاب عليه.

تراجع حمد بن خليفة قليلاً إثر انهيار القاعدة وفشل محاولة الاغتيال، ملتفتاً باتجاه اليمن هذه المرة، معتقداً أنها ملاذه الأخير للدخول من الخاصرة الرخوة للرياض، فبنى مع إيران مليشيات الحوثي التي قامت بأول حرب ضد الرياض العام 2008، وفي حضرموت دعم القاعدة بالأموال والدعاية، وبنى مع القذافي وعلي صالح مخازن الأسلحة على حدود المملكة لجلب 60 ألف مرتزق لاختراقها ونشر الفوضى داخلها.

في العام 2011 جاءته فرصة «الخريف العربي» ليصعد عليه، متوقعاً أن ما زرعه داخل السعودية سيجنيه سريعاً، فتبنى مع تنظيم الإخوان وحركة حماس وبعض مرتزقة الداخل ما سمي بثورة حنين الانقلابية ويا لخيبته الجديدة لم يخرج أحد، ومع أنه تبنى لاحقاً أكثر من ثورة «إنترنتية» إلاّ أنها كما أخواتها لم تنجح.

بالرغم من مسرحية التنحي التي قام بها حمد بن خليفة لصالح ابنه تميم، فإن إستراتيجية العداء للرياض وحلم إزاحتها بقيت واحدة، مثبتاً «تميم» بأنه ليس أفضل من أبيه.

حاول حمد بن خليفة بالمشاركة مع تميم، ومن خلال دعايات مركبة عبر الإعلام الغربي وحسابات على وسائل التواصل تبني أجنحة داخل السعودية وإحداث انشقاق في وطن بنى أول وحدة حقيقية في العالم العربي، لكنه نسي أن خبرة آل سعود في الحكم ودهاءهم وعبقريتهم وقدرتهم على استيعاب أي حدث، إضافة الى التفاف شعبي فريد سترهقه وتدوخه وتحبط كل محاولاته الانقلابية.

* كاتب سعودي

massaaed@