-A +A
ريهام زامكه
أبصم بالعشرين، أن نصف من سيقرأ مقالي هذا إما دائن أو مدين، والحديث بين الاثنين ذو شجون، لكن الصعوبة تكمن حينما يكون المدين أو الشخص (المُتسلف) منك قريباً أو صديقاً تشعر بالخجل والإحراج من مطالبته بحقك رغم مماطلته في السداد.

وخذوها مني نصيحة من مُجربة؛ إذا أردتم قطع علاقتكم بشخص لصقة وغثيث فقط (سلفوووه)، وأنا أضمن لكم أنه لن يغثكم وسيختفي تماماً من حياتكم كما تختفي الشياطين.


بدون شك التيسير على المُعسر أمرٌ جميل وإنساني وله أجرٌ عظيم، لكن المماطلة في إيفاء هذا الدين وإرجاعه لصاحبه والتنكر له (عيب) لا يدركه بعض الناس وبكل (وقاحة) قد يأخذ منك موقفاً أو يغضب إذا طالبته بحقك!

فبعضهم (يُماطل)، وبعضهم يستقصد عدم السداد ويتحجج بالظروف، والضحية دائماً هم الناس الطيبون الخيّرون أمثالي مع الأسف.

صحيح ليس لدي تجارب كثيرة في هذا الأمر، لكني أتذكر جيداً أول مرة سلفت فيها صديقة -قبل أن أبلغ سن الرُشد- وكانت بمبلغ وقدره «خمسون ريالاً فقط لا غير»، وللاحتياط أخذت منها تعهداً خطياً مذيلاً باسمها (لسابع جد) لإرجاعه خلال أسبوع فقط، وإلى يومكم هذا لم أسترد ديني ولكني مازلت محتفظة بالإيصال يا نوال.

مؤكد أن القصص تطول في هذا المجال، وهناك الكثير من الناس الذين يطالبون بحقوقهم ممن لم يُقدروا وقفتهم إلى جانبهم في وقت حاجتهم، فتجدهم يجحدون الشخص وكأنهم لا يعرفونه أو تسلفوا منه، فلا يردون على اتصالاته، وقد يقومون بتغيير عناوينهم وأرقام هواتفهم وكأن الظروف والمطبات المالية تحل عليهم فقط دون غيرهم.

مثل هذه النماذج لا يستحقون العطف؛ لأنهم (فقراء أخلاق) لا يحسنون التصرف مع من مد لهم يد العون وفرج عنهم كربتهم.

وإليكم نموذج لإنسانة وجهها (مغسول بمرق)، تسلفت مني في سن الرُشد (مبلغاً دسماً) وصبرت عليها لسنوات وعندما عِيل صبري وطالبتها بحقي أرسلت لي محاضرة طويلة عنوانها:

«هل تعلم ثواب إقراضك مالاً لأحد؟»

وأقتص لكم من محاضرتها هذا المثال:

«لو أنك سلّفت أخاك 1000 ريال واتفقتما أن يردّها لك بعد 3 أشهر فأنت من اليوم إلى انتهاء المدة كأنك تتصدّق بمبلغ 1000 ريال يومياً، وإذا انتهت الأشهر الثلاثة وقال لك أمهلني شهراً آخر فكأنك تتصدّق كل يوم بـ 2000 ريال في شهر الإمهال !» -انتهى-.

لا أكذب عليكم، محاضرتها جعلتني أضرب أخماساً بأسداس وبيدي (كولكوليتر) لأحسب مجموع صدقاتي طوال حياتي، لكن ما استفزني حقاً قولها بأنها تتاجر بمالي تجارة رابحة مع الله!

وأخيراً طلبت مني -لا كثر الله من أمثالها- أن أنشر هذا الموضوع لأن كثيراً من الناس لا يعلمه بل و(يتأفف) إذا طلب منه أحد مالاً وهو مقتدر.

الزبدة؛ طارت (قريشاتي)، الصيت ولا الغنى يا رب.

* كاتبة سعودية

Rehamzamkah@yahoo.com