-A +A
عبده خال
ثمة عجائب تحدث من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، تلك العجائب ليس لها مقاييس يمكن الارتهان إليها لمعرفة كيف تم إنتاج تلك المشاهد والحكايات، فالمقاييس متغيرة، ويمكن لها الاتساع لدرجة أن تقول لم تعد هناك مقاييس، فالتعددية الفردية ورغباتها تتوزع بحيث تغدو متوالية هندسية لكل فرد فيها مقياسه الخاص.

ولا يمكن للمشاهد أو المتابع سوى وضع علامة استفهام أو استغراب خاص به وليس البحث عن حل، فتعدد الرغبات كبير من غير حصر.


سأتحدث عما يتم بثه في موقع الانستغرام والسناب كمثالين لما يحدث من خروج عن قاعدة الذوق العام، فبعض السيدات حولن الموقعين إلى صالات عرض لبيع اللحم الأبيض..

وتعددت وسائل العرض، فاللقطات والفيديوهات فاقت دعايات أفلام الإغراء، وكل امرأة (نفخت) جزءاً من أجزاء جسدها تحول ذلك (النفخ) إلى بؤرة للاستعراض... معلوم أن المرأة الجميلة تكتفي بإظهار جمال وجهها، إلاّ أن سيدات الانستغرام يركزن على إظهار مؤخراتهن وصدورهن وهن على يقين أن السلعة للاستهلاك الجمالي المزيف.

وكل واحدة منهن تطالب (الغر) بوضع قلوب أو ورود لكي تُمكن المعجب بالتواصل على الخاص، وهي عملية استدراجية لجمع (الخراف) ومن ثم ذبحها مادياً، وهؤلاء السيدات أصبحت أجسادهن المكشوفة سلعة تقيم وفق عمليات (النفخ)... وثمة حيلة أخرى تتبعها أولئك السيدات بعرض الهدايا التي تصلهن من المعجبين أو المعجبات، لكي يتلقين أجمل الهدايا منهم أو منهن..

هذا السياق المستحدث يشير إلى الجانب الاستهلاكي الذي طغى على السطح كفلسفة تحدد العلاقة بين المادة (النقدية) والقيمة (المكانية أو الأخلاقية)، بحيث يكون المتغير مقبولاً في ظل أن الموجودات تحولت إلى سلع، وإجادة عرض السلعة مادة إعلانية..

وعلى من استشعر فداحة موضوعٍ كهذا فهم العلاقات الناشئة بين أفراد المجتمع كونها دخلت إلى دائرة قاعدة السوق (العرض والطلب)، الكارثة التي تظهر نذورها أن الجميع تحول إلى سلعة تعرض في الموقع الذي ترتضيه لنفسها.. أن تبيع جسدك أو ذاتك أو تبيع عقلك أو تبيع مواقفك، فكل ما هو على السطح معرض للبيع!