-A +A
مي خالد
تزامن ظهور الأغاني الشعبية التي تسمى المهرجانات في مصر مع ظهور الشيلات في السعودية، فعمرهما لايتجاوز عقدا من زمان على الأغلب.

وكلاهما يعتمد على الموسيقى الإلكترونية التي تنتجها تطبيقات الحاسوب. والمؤلف غالبا ضمن فرقة المغني والتكاليف للعمل بسيطة جدا، ويتم نشرها كذلك عبر تطبيق اليوتيوب وفي حسابات منتجيها ويتلقون نجاحهم أيضا عبر ذلك الوسيط الإلكتروني الرخيص.


وبينما تستمد الشيلات موسيقاها من التراث الصحراوي والرعوي تستمد المهرجانات المصرية موسيقاها من أصوات الشوارع والأزقة المزدحمة لمدينة مكتظة سكانيا كالقاهرة، يفيق ناسها صباحا على أصوات الباعة الجائلين وعلى طرقات المعادن في الورش وأنابيب الغاز وأصوات المواصلات والتوك توك والترماي.

وما يجمع بين المهرجانات والشيلات أيضا التعالي في التلقي واعتبارهما إفسادا للذوق العام. صحيح أن بعض هذه المنتجات فعلا رديئة، لكن هذا لا يسوغ التعالي عليها خاصة في ظل شعبيتهما المتنامية. وبلغت هذه الفوقية منتهاها حين منع نقيب المهن الموسيقية المطرب المصري هاني شاكر تداول المهرجانات في الأماكن العامة، علاوة على رفضه السابق منح هؤلاء الفنانين الشعبيين تراخيص مزاولة المهنة. وهذه الفوقية ذاتها التي منعت أغاني الفنان الشعبي أحمد عدوية من البث في الإذاعات قبل عقود. لكن من منعوها رحلوا وبقيت أغنياته في ذاكرة مجايليه وأطفالهم.

وأعلم أن كثيرا من المثقفين والفنانين السعوديين لو كانوا يملكون من الأمر شيئا لمنعوا الشيلات أسوة بمنع المهرجانات.

لكن ستبقى الفنون ويفنى الفنان والمثقف المتغطرس الذي عوضا عن النزول للشارع ومشاركة الناس ذائقاتهم وتحسينها ونبذ الرديء منها يسعى للمنع والحجب متقرفصا في عليائه مترفعا عن الناس.