-A +A
مشعل العقيل
الخروج من مكان ما، قد يعد قرارا يتطلب عدة خطوات ليقدم عليه الإنسان، ابتداء من (الباب) ومدى صعوبة أو استحالة فتحه للخروج، وتبعات هذا الخروج من كدمات وأذى مادي أو معنوي ومدى ملاءمة الأجواء الخارجية. فنجد الكثير من أولياء الأمور الذين عانوا في الحصول على طلاق بناتهم وأصبحوا يرتادون المحاكم في جلسات متعددة للتخلص من ذلك الزوج المتسلط الذي يبحث عن تربية زوجته وأهلها، ونجد تلك الزوجة التي امتهنت كرامتها ولا تقوى على فتحه، وتلك التي ترى بعض المطلقات ممن حولها يعشن معاناة الحضانة والأوراق الثبوتية لأطفالهن وصعوبات الاستقلالية والاعتماد على أنفسهن لتختار الصبر على الإهانات والظلم مقابل البعد عن معاناة من نوع آخر، وغير ذلك من الصعوبات التي تكدست معها داخل الكثير من البيوت ما يسمى بـ(الطلاق الصامت)، وذلك بسبب تعنت زوج أو جهل أهل، وهذا النوع من الطلاق غير الرسمي الذي يجعل من المنزل جدرانا بلا روح ولا احترام ولا مودة لتفقد الحياة الزوجية أهم أركانها ومبادئها، وكثيرا ما تعد هذه العلاقة أشد خطرا وفتكا على الأسرة وأفرادها وأطفالها.

حينما أصبح باب الطلاق مفتوحا، وأسهل وصولا وأقل ضررا عند استخدامه وأصبح خيارا بأقل صعوبات وتعقيدات لمن هم بالداخل، وعندما تصبح الأجواء الخارجية أسهل لتكيف المطلقة وأقل صعوبة وتحفظ لها الكثير من حقوقها، فمن المتوقع أن نجد الكثير ممن عاشوا الطلاق الصامت لسنوات بالتجمهر أمام ذلك الباب، وهذا لا يعني ارتفاع معدلات الطلاق بمفهومه الدقيق، ولحساب ذلك المعدل نحتاج استبعاد تلك الفئة أو حسابه بعد فترة من تلك التنظيمات والتغييرات.


ويتطلب الوضع الحالي التعامل الواعي مع هذا الباب، فليس من المستغرب أن نجد من يغريه ذلك الباب المفتوح وتلك الأجواء الخارجية، حتى وإن لم يكن لديه حاجة ولا دافعا للخروج، وأجد أنها فئة قليلة قد تسيء للفئة الأكبر التي قررت لأسباب كثيرة المغادرة دون عودة، ولن أستغرب سخط البعض من إصلاح الباب وتعديلات الجو الخارجي، فقد أفقدهم ذلك جزءا من القوة والكثير من الصلاحية التي كانوا يستغلونها لفرض تملكهم البشري وممارسة ظلمهم الأسري، وأخيرا لا أعتقد بأن الزوج سيسخط كثيرا من زوجة قررت المغادرة دون أسباب وفي حياة تسودها المشاركة ومبنية على الاحترام، لأن ذلك يعد سقوطا في اختبار انساقت فيه وراء إغراءات لم يسعفها العقل فيه.

dr_malaqeel@hotmail.com