-A +A
بشرى فيصل السباعي
سابقا كان لي موقف ورأي تنظيري حدي بالنسبة للقضية الفلسطينية وما على الفلسطينيين فعله حتى رأيت حلم منام كان أشبه بتجربة واقع افتراضي، رأيت نفسي فيه كأنني أعيش بالأراضي الفلسطينية التي تحت نيران الإسرائيليين، ثم الجزء الثاني منه رأيت كأني داخل ما يسمى بالخط الأخضر الذي يشكل ما تعرف الآن بإسرائيل، وهذه الخبرة الافتراضية جعلتني أشعر أن الموقف الواقعي الوحيد حيال القضية الفلسطينية هو دعم مطالب الشعب الفلسطيني الذي على الأرض ويعاني يوميا عذابات التهجير وكونهم تحت احتلال وحصار لحوالي القرن، وأي عملية سلام/‏خارطة طريق/‏مفاوضات وتسوية/‏ صفقة القرن لم ولن تؤدي لحل طالما الشعب الفلسطيني على الأرض لا يعيش حياة طبيعية ككل الشعوب، فإسرائيل أبقت الفلسطينيين محبوسين بقِدر ضغط على نار سياساتها المتجبرة، وملايين اللاجئين الفلسطينيين بالدول العربية بالمخيمات ممنوعون من التعليم العالي والعمل وبلا جنسية ويتعرضون للمجازر بسبب الحروب الأهلية، والتاريخ يبقى يكرر نفسه طالما الناس لم يتعلموا دروسه، ففي قصة داود وجالوت المذكورة بالقرآن والتوراة كان الجانب الضعيف بني إسرائيل، وبعد ترددهم تقدم الفتى داود ورمى حجرا على جالوت العملاق أقوى مقاتلي الجيش الفلسطيني فقتله، وأول عملية انتحارية كانت التي قام بها من يعتبر كبطل شعبي لليهود واسمه شمشون قضى حياته بإرهاب الفلسطينيين وتذكر التوراة «سفر القضاة» أنه قتل ألف فلسطيني وكان يشعل النار بذيول الحيوانات ويطلقها بمزارع الفلسطينيين لتحرق محاصيلهم، فلما قبض عليه الفلسطينيون في غزة -غزة مذكورة بالتوراة باسمها، ومذكور الفلسطينيون باسمهم هذا- أخذوا شمشون للمحكمة، فاجتمع الفلسطينيون مع عوائلهم ليشهدوا المحاكمة، وكانت لشمشون قوة أسطورية فقال «عليّ وعلى أعدائي» وهدم أعمدة المحكمة فانهارت على من فيها وقتلوا ومات معهم. مرت آلاف السنين ولا يزال ذات المشهد؛ فتى بيده حجر.. مقابل عملاق عسكري، لكن صار القوي ضعيفا والضعيف قويا، أما المنظور الرباني للصراع فيتضح برواية الطبراني (قال رسول الله: الله أمر داود أن يبني مسجدا، فلما تم السور سقط ثلاثا فشكا ذلك إلى الله، فقال: يا داود إنك لا تصلح أن تبني لي بيتا، قال: ولم يا رب؟ قال: لما جرى على يديك من الدماء، قال: يا رب أو ما كان ذلك في هواك؟ قال: بلى ولكنهم عبادي وأنا أرحمهم) قال الطبري‏:‏ فأوحى الله إليه (‏إنما يبنيه ابن لك طاهر اليد من الدماء‏)، وذكرت هذه الرواية بالتوراة «سفر أخبار الأيام-3:28». لن تحل القضية الفلسطينية إلا بتجاوز عنجهية «غرور الأنا».

* كاتبة سعودية


bushra.sbe@gmail.com