-A +A
خالد السليمان
مررت أمس بأحد المطارات الإقليمية المحورية المكتظة حيث تتقاطع رحلات المواصلة في طريقي إلى إحدى العواصم الآسيوية، كان المسافرون المختلطون من كل جنسية وجهة لا ينظرون إلى مسار خطواتهم بقدر مراقبتهم لمسارات «أنفاس» البشر المحيطين، فالخشية من التقاط فيروس كورونا الجديد من أحد المسافرين العابرين غلبت على الجميع !

خوف الإنسان وحذره في مثل أزمات الأوبئة هذه طبيعي وفطري وإن بدا أحيانا مبالغا فيه، لكنه يدل على الوعي بالوقاية والاحتراز !


عند وصولي إلى المدينة الآسيوية المكتظة بحوالي ١٠ ملايين نسمة نصفهم من أصول صينية، اعتاد كثير منهم على قضاء إجازة أعياد السنة الصينية الجديدة في الصين أو استضافة أقاربهم من الصين توقعت أن أجد إجراءات احترازية صحية استثنائية، تجعل المدينة أشبه بحجر صحي، لكن أياً من ذلك لم يحدث، كما أن الحياة بدت طبيعية في المطار وأسواق المدينة، وباستثناء ارتداء نسبة قليلة منهم للكمامات وتوزيع سوائل تعقيم اليدين في بعض الأماكن فإنني لم ألحظ أي مظاهر أزمة لدى السلطات أو أجواء هلع لدى السكان، مما دفعني لسؤال أحد مستضيفينا عما إذا كان هناك قصور في تقدير مخاطر الأزمة أو اطمئنان لإجراءات غير ظاهرة؟! فأجاب بأن للسلطات وسائلها الاحترازية التي قد لا تكون ظاهرة لعابر سبيل مثلي لكن المجتمع لا يمكن أن يقع ضحية فيروس الهلع، فهو لا يقل خطورة عن فيروس الوباء، لذلك تراكمت ثقافة التعامل مع مثل هذه الأزمات بالحكمة !

صديقنا غلب عليه التنظير المثالي الذي قد يتهاوى مع إعلان أول حالات الإصابة بفيروس الوباء في مدينته، فإذا كان هناك من شيء يجمع كل البشر على اختلاف مشاربهم وأعراقهم فهو فطرتهم البشرية المتعلقة بالحياة النافرة من الموت وكل ما يمكن أن يؤدي إليه !