-A +A
رامي الخليفة العلي
في نهاية العام المنصرم انعقدت قمة مجلس التعاون الخليجي، حيث كانت هناك جهود مكثفة من قبل الأمير صباح الأحمد الصباح أمير دولة الكويت من أجل رأب الصدع الخليجي، وهذه الجهود لم تتوقف طوال الشهور الماضية، وبالفعل كان هناك مناقشات جادة وصريحة حول بواعث القلق لدى الدول العربية من الدور القطري في المنطقة ودعمها لتيارات تعتبرها كثير من الدول العربية إرهابية. وجهة نظر الأمير صباح بأنه يجب التوقف عن الحرب الإعلامية وإعطاء وقت لجهود المصالحة، وكانت المملكة تمد يدها للعلاقات الأخوية، وجرى استقبال للمبعوث القطري من قبل خادم الحرمين الشريفين، المملكة هي الشقيقة الكبرى وكانت على الدوام مركز العمل الخليجي والعربي والإسلامي. والمملكة تدرك هذا الدور وترسم سياساتها بموجبه. وبالفعل بدا أن هناك تهدئة تنعكس على وسائل الإعلام السعودية وكذلك القطرية، وكان هناك أجواء من التفاؤل بإمكانية حل الأزمة عما قريب، وسارت الأمور على هذا النحو لعدة أسابيع. فجأة وبدون مقدمات عاد الإعلام القطري سيرته الأولى في تلفيق الأكاذيب والاتهامات للمملكة العربية السعودية ومحاولة تشويه صورة المملكة على المستوى الدولي. ترافق ذلك مع استهداف إعلامي مباشر لولي العهد الأمير محمد بن سلمان.

هناك نقاط خلاف أساسية وجوهرية بين قطر والدول العربية مرتبطة بدعم جماعة الإخوان المسلمين التي تصنف إرهابية في عديد الدول العربية وكذلك الموقف من جملة التطورات في المنطقة على امتداد السنوات الماضية، ومع ذلك فالانتكاسة الأخيرة لم تكن مرتبطة بهذه القضايا الجوهرية وإنما كانت مرتبطة بتطورات إقليمية، فبيت العزاء الذي فتحته وسائل الإعلام القطرية حزنا على قاسم سليماني يشير إلى رعب قطري أن تكون مستهدفة من قبل النظام الإيراني، خصوصا أن المعلومات تشير إلى أن الطائرات الأمريكية التي استهدفت سليماني خرجت من قاعدة العديد القطرية، فراحت الدوحة تتقرب من نظام الملالي عن طريق دفع أموال باهظة كما تشير بعض المصادر الإيرانية وقام أمير قطر بزيارة إلى طهران هي الأولى منذ وصوله إلى سدة الحكم، والأهم من ذلك إشعال أوار الحرب الإعلامية ضد المملكة لعل ذلك يفيد في التقرب زلفى إلى طهران. خصوصا أن هذه الحرب باتت تخدم النظام الإيراني في إبعاد الأنظار عن الضغوط التي يتعرض لها النظام دوليا بسبب فضيحة الطائرة الأوكرانية ولدى أتباعه لأن رده على الولايات المتحدة على مقتل سليماني لم يكن سوى ذر للرماد في العيون، وعلى المستوى الإقليمي حيث يتعاظم الرفض له على مستوى المنطقة برمتها. لا بل إن هذا السعار ضد المملكة مرتبط بالضامن الإقليمي الآخر وهو نظام أردوغان الذي يريد أن يزيد التوتر في المنطقة لعل ذلك يغطي على فشله في تأمين غطاء سياسي لمحاولته الهيمنة على ليبيا وفشله في فرض رؤيته لتقاسم الغاز في شرق المتوسط والأزمة الداخلية التي تواجهه بعد الانشقاقات في حزبه وتراجع شعبيته إلى مستوى غير مسبوق.


هذا الهجوم الإعلامي لن يفعل شيئا سوى زيادة عزلة الدوحة عن محيطها العربي والخليجي، أما المراهنة على نظام الملالي ونظام أردوغان فاسألوا السوريين والعراقيين ماذا كانت حصيلة سياسة الطرفين. أما المملكة فهي طود شامخ لن يضره بعض الألاعيب الصبيانية.

* باحث سياسي

ramialkhalife@