-A +A
فواز الشريف
من طرائف أقداري وثقل ما أحمله على أكتافي وسط هذا الوسط الرياضي أنه يتوجب عليّ أن أتحدث وأعلم وأقول وأفسر وأطرح وأوضح والغراب مثلا.

ومن أقدار بعض الأندية أنها تسقط أحيانا كجثة هامدة لا تستجيب فتجد اللاعبين القدامى يحومون حولها على طريقة «الغراب»، ثم إذا ما كشفتهم وهم ينهشون هذا الجسد المسجى كما يفعل البعض هرعوا يختبئون خلف نجوميتهم التي أفلت، وخلف إنجازات جماعية في حقبة ما من عمرهم الرياضي.


إن من طرائف أقداري وثقل ما أحمله فعلا لا أعلم هل أذهب بهذه المقالة صوب علاج الأندية من هؤلاء الأساطير الذين لا مكان لهم سوى المتحف إن جاز التعبير؟

أو أذهب بها نحو تواضع النقد الإبداعي والتفكير الخلاق في ما يطرح في البرامج الرياضية من صور وتعابير ومفردات وتقاطعات سطحية جدا لا تتطور ولا تتعلم ولا تضيف حتى لو كان ذلك في أعلى درجات الخلاف؟

تجد ذات التعابير المتداولة في التلفزيون والشارع والمدرج، ذات الأفكار والصور، وذات النقاش والجدل، ثم تكتشف أن المنظومة الإعلامية الرياضية بشكل عام تفتقد لأدنى درجات البحث اللفظي أو التفكير النقدي على طريقة الإبداع لإضافة مفردات جديدة وأمثلة وتعبيرات تصويرية مختلفة وحتى لو بلغ الأمر معادلات حسابية.

في كل مرة تجد النتيجة واحدة وهي أنه من أقدارك على طريقة «أعلق وأصفق»، فتكون في كل مرة تغرد وتشرح ثم تدلي برأيك وتوضح، والمؤسف أنك لا توضح فكرتك أو تشرح رأيك بل تفسير الكلمات المكتوبة أو التي نقولها، لأن الذين يفترض بأنهم زملاء طرح ونقاش أقل بكثير من كونهم زملاء لأنهم لا يتطورون رغم أن المساحة متاحة لتطوير ذواتهم، أفكارهم، وقدراتهم.

لا أعتقد أن هناك موظفا أحيل إلى التقاعد في شركة ما كان يتقاضى منها راتبه مقابل عمله سيعود ويخدمها دون مقابل، وهو ما يحدث مع اللاعبين القدامى الذين يتسولون الانتباه ويستشعرون بالغربة مرة تلو أخرى بعد نهاية مشاوير عاشوا خلالها إبان نجوميتهم في الانتباه التام لهم ما لم يكن هذا النجم وبمجرد اعتزاله ذهب وطور من دراسته وأدواته الفنية ليضيف على نجوميته مجال عمل جديد يتعاقد على ضوئه مع هذا النادي.

فعلا أعجزهم الغراب ليكونوا على قدر من الفهم والمعرفة والثقافة اللغوية واللفظية وهي موضع الحوار من تحقيق حضور يليق بالمساحة الممنوحة لهم.

الإعلام إجمالا مثله مثل مختلف الفنون والآداب الإنسانية تلعب فيه الموهبة دورا رئيسا ثم تأتي الإضافات والمكتسبات من معارف وعلوم، ولذلك لا أعتقد أن كل إعلامي إعلامي، ولا كل طائر يعنى به الغراب.