-A +A
مشعل العقيل
في إحدى الشركات اجتمع شخصان في تأسيسها واستمرا لسنوات طويلة كانا يتقاسمان فيها الربح والخسارة وينعمان بالاستقرار، وكل له احترامه وتقديره من الآخر، وأصبح للشركة مساهمون، ولكن كان لأحد الشركاء المؤسسين مكتب أكبر وموقف سيارة مظلل وصلاحيات أكثر ولم يكن ذلك مؤثراً على توزيع الأرباح والاحترام فيما بينهما، أتت موجة إصلاح واستغلها بعض جهلاء الرأي وآخرون لهم أغراض شخصية لتدمير استقرار الشركات في المنطقة وقرروا التركيز على استغلال حقوق الشريك وبدأوا بتوعية الشركات بضرورة عدم التنازل عن المطالبة بأي من الصلاحيات في ما بين الشركاء وضرورة المساواة حتى في حجم المكاتب والمواقف المظللة في ما بينهما، بدأ الشريك صاحب المكتب الأصغر والموقف غير المظلل بعد تلك الآراء والشعارات بالشعور بالإهانة والظلم وضياع حقوقه التي كان متأقلما معها والذي لم يكن مباليا بهذا الفرق في ظل وجود الاحترام والأرباح.

هكذا ببساطة هي حياتنا، فهذا المثال تجده ينطبق على كل من يحاول رؤية حياته بأعين الآخرين ومحاولة استخدام مقاييسهم للحكم على حياته بأنها ناجحة ومستقرة أم أنها تطلب التغيير، وكأننا نعيش من أجلهم متناسين أن صفاتنا وقدراتنا ورغباتنا مختلفة، ومن المعروف أن ما لا أحتمله قد يحتمله غيري والعكس صحيح، وما أسلفت ذكره لا يعني عدم المطالبة بحقوقنا وإن صغرت، ولكن يتطلب ذلك عدة عوامل للوصول إلى مطالباتنا ومنها تقبل عامل الوقت، وخصوصا إذا ما طالبنا بالتغيير بعد سنوات طويلة، بالإضافة إلى ضرورة إيضاح أن المطالبة لا تعني الندية أو تقليدا للآخرين أو استجابة لآرائهم، وفي حال عجز أحد الأطراف الحصول على حقوقه عليه قبل فض الشراكة بحساب المنفعة والمضرة من هذا القرار الذي يتعلق بجوانب متعددة من حياته.


وفي النهاية أجد من الضروري التأكيد على أن هنالك بعض الشراكات الزوجية تستلزم مطالبة الزوجة وبإصرار بحقوقها وبالأخص التي لها علاقة بالاحترام، ولكن في هذا المقال حديثنا عن شراكات تختلف عن تلك المطالبات، نناقشها في المقال القادم.

* كاتب سعودي

dr_malaqeel@hotmail.com