-A +A
هاني الظاهري
لا يوجد إنسان عاقل يسعى بكل طاقته وحواسه لتشويه سمعة بلاده ومواطنيها في الخارج إلا إن كان يُكن لوطنه كراهية غير طبيعية لسبب أو آخر، وهو في غير هذه الحالة يمكن أن يُوصف بالحمق وعمى البصيرة، وما لم يعجل بعلاج نفسه وتنظيفها من الأحقاد فستجره إلى منحدرات سحيقة تفقده احترام نفسه إلى الأبد.

لو أن مواطناً أسترالياً على سبيل المثال أغرق السلطات الأمريكية بالبلاغات ضد السياح الأستراليين في نيويورك الذين يعبرون الشوارع دون استخدام خط عبور المشاة لأنه شاهدهم يفعلون ذلك في سناب شات وهو مستلق على أريكته في منزله في أستراليا الذي يبعد عنهم آلاف الكيلومترات فسيشيع سمعة سيئة عن مواطني بلده في أمريكا، وسيزداد الأمر سوءاً لو نشرت الصحف الأمريكية أخباراً تؤكد أن السياح الأستراليين همج ولا يتقيدون بالأنظمة وتجب مراقبتهم جيداً، لكن سيظل المبلغ عن الأمر «واشياً» في نظر نفسه ونظر الجميع وإن شكره متلقي البلاغ.


الوشاية سلوك رخيص ويعبّر عن دناءة النفس مهما تم تجميلها أو صنع المبررات تلو المبررات لها، وهذا للأسف ما حدث مع مجموعة من المواطنين السعوديين في لندن الأسبوع الماضي إذ اضطرت السفارة السعودية للتدخل لإنقاذهم من السجن بعد أن قام وشاة من السعودية للأسف بإبلاغ مطار هيثرو بأنهم يصطحبون طيورا معهم بهدف الأكل وهذا مخالف للأنظمة هناك.

يبرر البعض هذه الوشاية المعيبة بأن هؤلاء السعوديين الذين تمت الوشاية بهم في بلد أجنبي هم من مشاهير سناب شات ولهم آراء غير جيدة تجاه بعض القضايا المحلية، وهذا برأيي عذر أقبح من ذنب فالرأي يُرد بالرأي وبالحوار لا الممارسات الرخيصة التي لا تليق بأي إنسان يحترم نفسه، ولا أعلم حقاً كيف يمكن لشخص أن يحترم نفسه وهو يعرف والناس يعرفون أنه مجرد «واش».

ما حدث لهؤلاء كان يمكن أن يحدث لأي مواطن سعودي في الخارج نتيجة جهله بأنظمة البلد الذي يتواجد فيه سواء للسياحة أو الدراسة أو غير ذلك، ولدى السفارات السعودية في معظم دول العالم مئات إن لم يكن آلاف الملفات لمعالجة مخالفات ارتكبها مواطنون بجهل أو بدون قصد وهي مسألة دائما تدفعها للتدخل لمساعدتهم دون تردد، وهذا مما يحمد ويشكر للسفارات السعودية في الخارج التي تجعل السعودي يفخر بانتمائه لبلده ويشعر بالاطمئنان في أي مكان في العالم.

ينبغي أن يعي المتصارعون السعوديون في شبكات التواصل أن صراعاتهم فكرية فقط ومجرد نزاع آراء، وأن الضعيف والجبان فقط هو من يهرب من ميدان الرأي إلى السلوكيات الرخيصة ومنها «الوشاية» على الطريقة اللندنية، وحتى لا يظن أحد أن مقالي هذا تأييد لآراء السنابيين الذين تمت الوشاية بهم يمكن العودة لمقالاتي السابقة التي رددت فيها على آرائهم الساذجة في حينها، فهناك فرق كبير بين أن تكون صاحب رأي وأن تكون صاحب سلوك دنيء، وهذا ما يجب أن يفهمه الجميع.

* كاتب سعودي

Hani_DH@