-A +A
بشرى فيصل السباعي
حسب مجلة المال والأعمال الأمريكية «فوربس» فالمتصدرة بقائمة أقوى الكيانات لعامي 2018/ ‏2019 ليست مؤسسات غربية إنما صينية، فأقوى كيان بالعالم منذ سنوات عدة هو «بنك الصين الصناعي التجاري -ICBC» وغالب أقوى مائة كيان اقتصادي عالمياً هي صينية مزيحة بذلك المؤسسات الأمريكية عن الصدارة فيما عدا بالمجالات التي كان ولا يزال وسيظل الغرب متفوقاً بها على الصين والهند وروسيا، وهي السبب الذي يجعل من المستحيل مهما توسعت عالمياً الهيمنة الاقتصادية والصناعية والتكنولوجية والزراعية الصينية وديونها على الدول لكنها لن تصبح القوة العظمى أي المهيمنة ثقافياً على العالم، وهذا السبب يبدو واضحاً من قائمة أقوى الكيانات الأمريكية عالمياً والتي هي المؤسسات ذات الصلة بالإنترنت العالمي ومجالاته الحرة، بينما هذه نقطة ضعف الصين لكونها تحد من الحريات باستعمال التكنولوجيا الخاصة بالإنترنت والاتصالات والمعلومات ووسائل التعبير رغم أن تصنيع غالب قطع الكومبيوتر والأجهزة للشركات الأمريكية يتم بالصين، فالصين تمنع كل محركات البحث ومواقع التواصل العالمية ولديها أخرى بديلة ذات طابع قمعي منفر لشعبها كما بالنسبة لبقية العالم، فالشعوب منجذبة إلى الغرب والحضارة الغربية بسبب الحريات والحقوق والكرامة الإنسانية التي تقوم عليها وتكفلها قوانينها وأنظمتها وسياساتها وإعلامها ومؤسساتها السياسية والمدنية والحقوقية، بعكس الصين، ولهذا لا يمكن أن تصبح الصين ونفوذها وثقافتها وإعلامها وصحافتها مقبولة ومحببة وقدوة لشعوب العالم، ولذا الدولة والأمة والثقافة التي تطمح لأن تصبح عالمية وعظمى يجب أن تكون قاعدتها وبوصلتها هي الحريات والحقوق الكاملة وكل ما ينميها وينشرها ويحفظها ويدافع عنها حيث وجدت بحق وحقيقة، وهذه العبرة التي لا تستوعبها الجماعات والتيارات العقائدية والقومية والوطنية المتطرفة والمتعصبة بالشرق والغرب التي تتوهم أن ما سيعيد لبلدها وشعبها وأمتها العظمة المجيدة هو أن تتحول إلى كيان إقصائي قمعي لكل من ليس من عصبتها وتعادي بغوغائية الثقافات والأديان والأعراق والشعوب الأخرى وتطبق الانغلاق والانعزالية والعنجهية، والنتيجة عمليات إرهابية بدوافع عنصرية ومعاداة لقيم التعاون العالمي، وقد رأينا كيف أن الجماعة التكفيرية الإرهابية بالجزائر تسعينات القرن الماضي وجماعتي داعش وجبهة النصرة المنبثقتين عن القاعدة حصلت انشقاقات داخلها وكفر وقتل بعضهم بعضاً ناهيك عن تكفيرهم لبقية المجتمع الذي هو من ذات دينهم ومذهبهم، لهذا لا يمكن أبداً أن تقبل بها الشعوب المسلمة والعالم، ففي العصر الحديث ما عاد يمكن لدولة أن تصبح مقبولة سوى بثقافتها الحقوقية والإنسانية المنفتحة، وليس بالاقتصاد فقط والألاعيب السياسية والعسكرية والإرهابية وقرصنة الإنترنت والانتخابات والدعاية المتلاعبة.

كاتبة سعودية