-A +A
عبده خال
زرع آباؤنا فأكلنا، ونزرع ليأكل أبناؤنا.

هذه هي القاعدة الحياتية التي لو اختلت لما ثبت حاضر مستدام ولا وصلنا إلى مستقبل آمن.


إذن، نحن نأكل (التنمية المستدامة) مما زرعه الآباء، بينما هناك شكوى في تقصيرنا أو عدم الزراعة لمستقبل الأجيال القادمة، ومن تلك الشكوى الأمن المائي الذي يمثل حجر الزاوية في الوجود، فيه يتحقق الأمن الغذائي، والأمن الاقتصادي، والاجتماعي. والتقارير الدولية تشير إلى أن السنوات القادمة ستكون أرض معركة تتنافس فيها جميع الدول على توفير الماء، ويبدو أن هذا الخطر لم يدق أبواب الوزارات المعنية بالمحافظة على الثروة المائية وأن على كل جهة القيام بدورها، الذي يستوجب مراجعة تلك الأدوار ومعاقبة أي تقصير حادث، وهذا خير قبل وصولنا إلى زمن ندرة الماء.

وفي كل بلد هناك المسؤولون والمواطنون الحريصون على مستقبل الأجيال القادمة، يرفعون صفارات الإنذار كعملية تجريبية للتنبيه لما قد يحدث.

والدكتور محمد حامد الغامدي واحد من آلاف المواطنين المعنيين بدق صفارة الإنذار لما يهدد مستقبل المياه، ويبدو أن صوت الدكتور محمد تعب من الصراخ، فلجأ إلى (تويتر) ليضع وسما بعنوان #الماء_يبحث_عن_ادارة.

في هذا الهاشتاق لا أحد شارك في رفع صوت الاستغاثة، فظل الدكتور الغامدي صوتا وحيدا في ذلك الوسم، وأجدني مناصرا لخيفته من الهدر المائي الذي يعلن عداء صريحا للمستقبل.

فالدكتور محمد حامد الغامدي يؤكد أن اللعب بالأمن المائي هو عدم اكتراث بالأمن الغذائي.

وفي مشهد فيديو لمياه الأمطار التي تجرف تربة المدرجات الزراعية ما يعني هدرا وضياعا حقيقيين في ظل ندرة المياه، وذلك الهدر يؤدي إلى تجريف تربة الأودية التي لن تعود أبدا.. نحن أمام مسؤولية عظيمة تجاه أجيالنا القادمة.

ويبدو أن استغاثة الدكتور الغامدي قديمة جدا لم يستمع لها أي مسؤول، إذ تقدم بدراسة منذ أكثر من ربع قرن -نشرت في مجلة اليمامة- فصمت عنها من لهم مصالح شخصية، وبالتأكد ذاته لم نسمع أصوات المدافعين عن المياه الجوفية، فأكثر من 700 مليار متر مكعب تم استنزافها من المخزون الاستراتيجي الذي يخص الأجيال القادمة وتم هدرها على زراعات عشوائية.

إن الأمن المائي يعتبر الركيزة الأساسية لكل تنمية مستدامة، وما لم نتنبه ونراقب ونعاقب فسوف يكون المستقبل بجميع أركانه في حالة تردٍ.

أكاد أجزم أن هناك عقولا مسؤولة في المحافظة على التنمية المستدامة التي تعمل على إبقاء الوفرة حاضرة الآن وفي المستقبل، وما أكتبه هنا ما هو إلا استئناس بالآية الكريمة (وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَىٰ تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ) (55)- الذاريات.

* كاتب سعودي

abdookhal2@yahoo.com