-A +A
عبده خال
غرفة رقم 8 في مستشفى الأورام بمصر تعد أشهر الغرف الطبية التي جاء ذكرها كثيراً في أدبنا الحديث، حيث رقد بها الشاعر أمل دنقل في رحلته الأخيرة وهو يصارع مرض السرطان، ومن نفس الحجرة تسللت عشرات القصائد لتخرج في ديوان حمل اسم الغرفة (غرفة رقم 8).

وهناك غرف عديدة في السجون والمعتقلات والفنادق والمنازل قفزت إلى الواجهة الإعلامية وتعرف عليها الناس بعد أن قطنها أحد المشاهير، لتكتسب تلك الغرفة شهرتها من شهرة ذلك العلم أو المشهور.


ولأن لكل دولة رموزها الوطنية في جميع المجالات، وحرصت كل منها على إبقاء ذكرى تلك الغرف كأثر تجمع فيه الأشياء التي استخدمها ذلك الرمز سواء كان ذلك عن طريق مؤسسة أو أفراد أو أهل الفقيد.. وتختلف الأهمية لدى كل دولة في إظهار الأثر الشخصي لمن حمل بلاده عبر إنجازاته التي سجلت كأثر إنساني..

وفي أوروبا يتم المحافظة على أي أثر للشخصيات التاريخية حتى ولو كانت شخصية شر كما حدث مع هتلر وموسليني واستالين.. وهناك أيضاً تم المحافظة على المعتقلات وعلى المقاهي والحدائق والمنازل، فجميع تلك الأماكن تعتبر سجلاً تاريخياً يستأنس به ويمكن من خلاله إضافة شذرات تاريخية وحكايات تضاف إلى ما هو مكتوب..

ولا أريد سكب اللبن في يوم قائظ، وإنما عز علي أن تذكرت السنين العجاف التي مضت علينا تم فيها إزالة آثار إنسانية عظيمة، بعضها لا يمكن استرداده، ولم يكن مهماً أبداً المحافظة على أي إرث قرب أو بعد من تاريخ بلادنا، ونعرف أن الدولة حملت إرثها وجالت به العالم في معارض دائمة بين عواصم العالم خشية أن يتلف من قبل عقليات أحبت الموت أكثر من الحياة.. الآن وقد صفا الكدر فليت هيئة السياحة تضيف على مجهوداتها إبقاء الأثر الإنساني لكل شخصية محلية قدمت الكثير لوطنها، والفكرة ليست من الصعوبة بمكان فقط أن تتنبه لهذا وتشيع بين أفراد المجتمع شيئاً من هذا الإرث الإنساني الذي التصق بمنجزات الوطن قبل أن يكون إنجازاً شخصياً..