-A +A
عبده خال
نشرت جريدة «عكاظ» خبراً على هيئة سؤال:

- هل يمكن إحياء الإنسان بعد موته؟


هذا السؤال ليس جديداً، فمنذ أمد بعيد والإنسان يبحث عن وسيلة ما؛ لكي يعود للحياة أو بمعنى أدق الوصول إلى الخلود، وهو السر الذي كان محل بحث عن إمكانية تحقيق ذلك، وأعتقد أن فكرة الخلود جاءت من الأسطورة التي صاغها الإنسان الأول حين كانت الآلهة الخالدة، ولكي يمتلك الإنسان تلك الديمومة حدث التزاوج بين البشر وتلك الآلهة (المتخيلة) فعرفت بعض الشخصيات الأسطورية الساعية للخلود أمثال اخيل أو شمشون (وعشرات من أمثالهم).. ومع تقدم الزمن تم البحث عن سر الخلود من خلال الجن والسحر، كان ذلك في العهد الأول الذي لم يكن هناك معرفة علمية تمكن الإنسان من الدخول إلى أسرار الكون لتحقيق الخلود.. حتى إذا ظهر عصر الكيمياء تمسك الناس بعلمائها، فاشتهر مصطلح (إكسير الحياة) وكان ضمن الاتهامات التي يواجه بها علماء الكيمياء أثناء المحاكمة قبل أن يتم تطبيق حد القتل بمن اشتغل بذلك العلم، واتهم أنه ساعٍ لتحضير ذلك (الإكسير).

في هذا الزمن، زمن العلم الذي شب عن الطوق بأدوات معرفية عديدة ظل حلم الخلود هاجساً لدى الكثيرين، ومن الشخصيات الباحثة عن البقاء داخل الزمن ريثما يتم تصنيع ذلك الإكسير شخصيات دفعت أموالاً كثيرة؛ لكي تبقى جثامينها مجمدة حتى إذا توصل العلم إلى وسيلة استعادة الإنسان للحياة كان المجمد محظوظاً أن ترد إليه حياته، وهي الفكرة الملكية الفرعونية بأن تحنط الجثة حتى إذا استيقظ في زمن ما وجد أمواله وزوجاته وأعوانه قريبين منه لمواصلة حياة الخلود.

وكما يؤمن البعض بتناسخ الأرواح لتحقيق الخلود، آمن البعض بأن ينهض ذات يوم لمواصلة مسيرة حياته من غير تناسخ لمواصلة الحياة عبر كائنات أخرى، ولأني أؤمن أن الحكاية هي المولدة لفكرة الخلود، أؤمن بالخلود دينياً مع اختلاف التصور البدائي لذلك الخلود.. ومعطيات العلم الحديث تحدث قفزات مهولة في إحياء أعضاء بشرية أو إبقائها حية أو استخراج عينة منسوخة، وكل هذه التجارب تؤكد أن ثمة نافذة تطل على فكرة الخلود، فالفكرة ليست معجزة إنما المعجزة في كيفية التصور لذلك الخلود.

الأيام القادمة حبلى بما لم نكن نتصور حدوثه، وقبل ذلك الإيمان المطلق بأننا نسير وفق سنن الله في الكون، وأن تلك السنن لا مبدل لها، ومن الإيمان ذاته يمكن عودة الإنسان من الموت.. وقبل أن تفتح الأفواه شتماً أو قدحاً لنتذكر قصة عزير الذي مات مئة سنة وأعاده الله للحياة، أعاده وفق سننه التي أبقاها الله عز وجل عبر الأزمان.