-A +A
منى العتيبي
أصبح موقف الأمير هاري واستقالته هو وزوجته الممثلة الأمريكية السابقة ميغان ماركل عن أدوارهما الملكية حديث الكون بأكمله، وهو الأمر الذي شكل صدمة وهز المملكة المتحدة والعالم أجمع؛ لأنهما بهذا الفعل غادرا أدوارهما في العائلة المالكة، والاستقلال ماديّاً إلى أدوار خارج أسوار المُلك.

أغلب الناس تناول الموضوع من الزاوية العاطفية والتضحية والانتصار للحب والتخلي عن أمر عظيم مادي مقابل أمر عاطفي إنساني، ولكن الموضوع يحمل وجهاً آخر يفوق كل هذا من وجهة نظري، فكل ما فعله الأمير أنه رمى دنيا المملكة المترفة خلف ظهره ليتخلص من قيد السلطة والبروتوكولات الملكية ليستدير نحو الحب القيد الآخر والسلطة الأخرى ولكن من نوع آخر.. فالحب مثل السلطة يأخذ شكلها في القيد والتزاماتها، ففي الحب أنت ملتزم بالولاء والوفاء والتضحية عن رغباتك الشخصية التي قد لا تتقاطع مع الشريك فتضطر للتنازل عنها وخيانتك في الحب تماماً مثل خيانتك في قصر الملكية تعني دمارك.


فالصورة الموضوعية للفتى هاري تقول إنه تحرر من قيد وانتقل إلى قيد آخر، ومن سُلطة إلى سُلطة أخرى، ولكن ما الفرق بين القيدين والسلطتين؟ الفرق بينهما هو أن القيد الأول لم يكن باختياره ولا سلطة له في الاختيار والقرار، أما القيد الآخر جاء من اختياره وقراره وبكامل رغبته الشخصية وإدراكه، والرضا حاضر مع هذا القرار تماماً.

أجمل ما في قصة هاري التي أعتبرها في بدايتها ولم تكتمل بعد، أنه لم يتشبث بالمنصب أمام رغبته الخاصة في أن يعيش لنفسه ولرغباته واختياره وذلك بعكس ما نراه عند الكثير من المسؤولين الذين تشبثوا بكراسيهم وفقدوا ما فقدوا من أنفسهم مقابل الكرسي.. الكرسي الذي تخشبوا عليه حتى فاتتهم الحياة.