-A +A
طارق الحميد
يقال في أمريكا: «إذا قتلت إنساناً ابحث عن محامٍ، وإذا قتلت عشرة، ابحث عن لوبي»، أي جماعة ضغط. نرى ذلك يتحقق اليوم، وتحديداً ببعض الإعلام الأمريكي، وأبسط مثال هنا مقابلة الأمريكي-الإيراني، ولي نصر مع محطة «سي. إن. إن».

بعد إسقاط الطائرة الأوكرانية المقلعة من مطار الخميني في طهران، تحدث نصر على «سي. ان. ان» عن جنسيات القتلى، ومن يحق له من الدول أن يتدخل، ومن لا يحق له، وعن ازدواجية الجنسية بين القتلى، وضرورة تريث الأمريكيين، والفرنسيين، لأن لا ضحايا لهم بالطائرة! وضرورة عدم القفز على الحقائق، وانتظار الوقائع، وليس الانجرار خلف مقطع فيديو يظهر لحظة استهداف الطائرة الأوكرانية! لحظة.. ماذا عن قصة مقتل الزميل جمال خاشقجي رحمه الله؟ جمال كان فرداً سعودياً، وليس 176 راكباً من جنسيات مختلفة. جمال قتل في قنصلية بلاده، من قبل مواطنيه، بمواقف فردية، وليس أمر دولة، وقالت المحكمة ذلك. فلماذا لم يقل أحد إن على غير السعوديين التريث، وعدم تصديق ما يسرب؟ ولماذا يرفض فكرة أن جمال، رحمه الله، قد قتل خطأ، وهو فعل لا يغتفر؟


سؤال آخر: لماذا مقبول أن يقول رئيس الوزراء الكندي إن قتل 176 راكباً على الطائرة الأوكرانية ربما تم بالخطأ، لكن غير مقبول أن يقال إن قتل الزميل خاشقجي ربما تم بالخطأ؟ لماذا تقبل الإعلام الأمريكي، وتحديدا المعادي لترمب مقولة الرئيس إن الطائرة الأوكرانية أسقطت بمنطقة خطرة، لكن مرفوض أن يقول ترمب إن مقتل خاشجقي ربما كان على يد فئة مارقة؟ فاذا لم يكن الحديث الغربي عن الطائرة الأوكرانية، وقتلاها 176، نفاقاً، مقارنة بمقتل خاشقجي، فما هو النفاق؟

هل يعقل أن تقوم دولة، والحديث هنا عن إيران، من المرشد الأعلى، إلى كل أركان النظام، مروراً بالرئيس، بإطلاق صواريخ على قاعدة أمريكية بالعراق دون أن تخطر الملاحة الجوية في بلادها، ويتم التأكد من سلامة الأجواء، خصوصاً أنه كان يمكن تأجيل الرحلات التجارية، ولو بحجة تعطل نظام الملاحة الجوية لظروف خارجة عن الإرادة، وإيران دولة الأكاذيب؟

الأكيد أن إيران ليست بالدولة التقليدية، ولا هي بدولة تنتمي لعام 2020، والأمر الأكثر تأكيداً أن كُثراً في الغرب يكيلون بمكيالين، إذ يلتمسون الأعذار لإيران في مقتل ركاب طائرة تقل 176 فرداً، ويجادلون بتفاصيل مولدهم وازدواجية جنسيتهم، بينما يريدون إدانة السعودية ككل بسبب مقتل مواطن سعودي، بخطأ بعض من السعوديين، فهل من نفاق أكثر من هذا؟!.