-A +A
حمود أبو طالب
المسألة لا تتعلق بكونها مقتصرة على الدخان المغشوش أو مختلف النكهة الذي تعاملت معه هيئة الغذاء والدواء وبقية الجهات ذات العلاقة بما يشبه الاحتساب على المدخنين لعلهم يهتدون ويقلعون عنه طالما جاءت هذه الفرصة غير المتوقعة، نقول المسألة ليست كذلك، وإنما في أبجديات التعامل المهني مع سلعة استهلاكية خطرها أكبر بكثير عندما تكون بغير مواصفاتها السيئة أساساً، الهيئة في البداية بدت وكأنها تنفي وجود اختلاف في نكهة الدخان الجديد دون دليل مقنع لديها، ثم بدأت تميل إلى تصديق المدخنين بعد التصعيد الذي مارسوه، وفي النهاية رضخت إلى حقيقة وجود مشكلة حقيقية.

حسناً، ماذا فعلت الهيئة واللجنة المشكلة معها؟. أرسلت عينات إلى مختبر عالمي (محايد) استغرق تحليلها وقتاً طويلاً جداً، وكأنها عينات لخلطات سرية تتعلق بأحد أسلحة الدمار الشامل الجديدة التي يجهلها العالم، ثم ماذا؟ خرجت علينا ببيان يحتاج فهمه إلى متخصصين في لغة القانون الدقيقة لكي يتضح معناه، وإن كنت أنا جاهلاً بمعاني ودلالات اللغة، أرجوكم تفسير ماذا تعني هذه العبارة لعامة الناس:


«وجود اختلاف في بعض السمات المتعلقة بالنكهة في عددٍ من منتجات التبغ، لا تتعلق باللوائح الفنية والمواصفات المُعتمدة، ولكن قد يؤدي هذا الاختلاف إلى تغير في تجربة المستهلك». وما هو الحل الذي وصلتم له؟ هو «توجيه الشركات المُصنِّعة للتبغ وإلزامها بمعالجة هذا الاختلاف وتعديل هذه السمات لتتوافق مع النكهة المعتادة لدى المُستهلك، وإضافة بيانات المكونات، وتاريخ الإنتاج وبلد المنشأ على العبوة الخارجية في أسرع وقت».

بلغتنا العامية البسيطة نقول لتلك الجهات: كان هناك غش وتدليس واضح أمامكم من إمبراطوريات صناعة التبغ ورائحته تفوح في بيانكم، فهل ينتهي الأمر بتوجيه ناعم منكم لها، وماذا لو اتضح مستقبلا علاقة هذا الغش بكارثة صحية، ألستم شركاء فيها. القضية يا سادة أن هذه الجهات مسؤولة عن مصطلح تتوقف عليه حياة البشر اسمه «الغذاء والدواء» الذي أصبح الكل يعرف خطورة المغشوش منه الذي يدخل إلينا، وباعتراف أكثر من جهة مسؤولة، وعندما يكون الأمر كذلك فالله يخلف علينا.

* كاتب سعودي

habutalib@hotmail.com